وباب حد الزاني
  دلَّ هذان الخبران على أن الحدَّ لا يجب حتى يبلغ الإمام علمه، وأنه يجوز للشهود أن يتعافوا الحدود، وأن يستروا على من شهدوا عليه إذا علموا منه الإقلاع والتوبة، وإذا علموا أنه يتمادى في الفسق والفجور إذا ستروا عليه وجب عليهم أن يظهروا ذلك ويشهدوا إذا كانت الشهادة تامة. ودلَّ الخبران أيضاً على أنَّ الجناية إذا كانت قبل ولاية الإمام لم يقم الحدُّ على الجاني، ولأن الحدَّ لم يجب في الحال، فإذا لم يجب في الحال لم يجب في المال، ولا خلاف في أن الحد لا يقام إلا بالإمام(١)، فإذا لم يكن إمام لم يجز إقامته، قال أبو حنيفة في الحد: إذا تقادم عهده لا يقام ولم يحد في ذلك حدّاً، وحدَّ أبو يوسف ومحمد فيه شهراً.
  وجه قولنا: الآية والرواية، ولم يشترط فيه حدّاً إذا كان في ولاية الإمام، وأيضاً لا خلاف أنه إذا ثبت بالإقرار لم ينظر إلى طول المدة وقصرها إذا كان ذلك في ولاية الإمام فكذلك إذا ثبت بالشهادة.
  ١٩٧٨ - خبر: وعن النبي ÷ أنه قال: «ادرؤوا الحدود بالشبهات»(٢).
  ١٩٧٩ - خبر: وعن النبي ÷ أن ماعزاً أتاه يقرُّ على نفسه بالزنا، فكان يعرض عنه، وفي بعض الأخبار: أنَّه كان يطرده كلَّما حضر معترفاً إلى أن تَمَّ إقراره أربع مرات، وفي بعض الأخبار: أنَّه ÷ قال له في
(٥) أخرجه الإمام المؤيد بالله # في شرح التجريد (خ) والبيهقي: ٨/ ٣٣١، وأبو داود: ٤/ ١٣٣، والنسائي: ٨/ ٧٠، وفي السنن الكبرى: ٤/ ٣٣٠.
(١) في (ب): إلا بأمر الإمام.
(٢) أخرجه الإمام المؤيد بالله # في شرح التجريد (خ) وورد في تأريخ بغداد: ٩/ ٣٠٣، كشف الخفاء: ١/ ٧٣، الدراية في تخريج أحاديث الهداية: ٢/ ٩٤، ١٠١.