كتاب الجنايات
  اخْتَلَفَتْ جِنَايَتُهُمْ فعَلَى الْمُبَاشِرِ، وَلَا شَيْءَ عَلَى غَيْرِهِ غَالِباً(١)، فَإِنْ كَانَ الْقَاتِلُ إِحْدَاهُنَّ فَبِالسِّرَايَةِ الْقَوَدُ، وَالْأَرْشُ فِيْ الْأُخْرَى، وَهْوَ فِيْهِمَا مَعَ لَبْسِ صَاحِبِهَا، وَبِالْمُبَاشِرَةِ كَمَا مَرَّ، وَبَعْضُهُمْ يُحَوِّلُ.
  (فَصْلٌ) وَمَا عَلَى قَاتِلِ جَمَاعَةٍ إِلَّا الْقَتْلُ، وَيَمْتَنِعُ حَتَّى يَجْتَمِعُوا، لَا نَحْوُ قَالِعِ أَعْيُنِهِمْ(٢) فَالْقِصَاصُ وَدِيَاتُ الْبَاقِيَاتِ، وَفِيْ نَحْوِ الْأَيْمَنِ(٣) نَحْوُهُ، فَإِنْ تَعَذَّرَ فَالدِّيَةُ، فَإِنْ خُوْلِفَ فَالدِّيَةُ وَالْاِسْتِئْنَافُ(٤).
  وَلَا شَيْءَ فِيْمَنْ مَاتَ بِنَحْوِ قِصَاصٍ(٥)، وَيُقَدَّمُ قِصَاصُ الْأَطْرَافِ، وَيُنْتَظَرُ الْبُرْءُ، وَمَنِ اقْتَصَّ فَتَعَذَّرَ عَلَى غَيْرِهِ حَقُّهُ أَثِمَ وَلِلْآخَرِ الدِّيَةُ مِنَ الْجَانِيْ غَالِباً(٦).
(١) راجع إِلَىْ الصورتين، وهما قوله: «فعلى المباشر» وقوله: «ولا شيء على غيره»، فيحترز فِيْ الأولى من أن يجهل صاحب المباشرة ولم يعلم المتقدم بعينه فإنه لا يجب عليه شيء لالتباسه بصاحب السراية، وهو يجوز فِيْ كل واحد أنه متأخر وأن جنايته بالسراية، والأصل براءة الذمة من الزائد فلا شيء عليه، ولا تحويل على من عليه الحق فِيْ الأصح. ويحترز فِيْ الصورة الثانية وهي قوله: «ولا شيء على غيره» من أن تكون الجناية المباشرة متأخرة والسراية متقدمة ويعلم كل واحد بعينه فإنه يجب على صاحب السراية أرش جنايته. ويحترز أيضاً من أن يتحد الوقت فإنه يلزمه كذلك. ويحترز من أن يعلم تقدم السراية مع جهل صاحبها فإنه يلزم كل واحد منهما أرش السراية؛ لأنه لازم بيقين، والأصل براءة الذمة من الزائد. وعلى القول بالتحويل يلزم كل واحد نصف الدية ونصف أرش السراية. (وابل).
(٢) أراد بنحو قالع الأعين قاطع الأيدي أو الأرجل أو نحو ذلك. (وابل).
(٣) أراد بنحو الأيمن الأيسر والشفة العليا والسفلى، فتؤخذ اليسرى باليسرى والشفه العليا بالعلياء والسفلى بالسفلى ونحو ذلك، ولا فرق بين زيادة التماثل أو نقصانه. (وابل).
(٤) في (ب): فإن خالف جاز الاستئناف.
(٥) وهو الحد والتعزير.
(٦) احترازاً من أن يكون الذي تعذر عليه استيفاء حقه شريكاً للمقتص أولاً فإنه يجب نصيبه على شريكه، مثاله: رجل قتل رجلاً وللمقتول أولاد فإنهم شركاء فِيْ دم القاتل كل واحد منهم يستحق بعضه لا كله، فإذا اقتص منه أحد الأولاد من دون أمر شركائه فإنه يلزمه حصة شركائه من الدية، ولا قود عليه، بل يأثم. (وابل).