كتاب السير
كِتَابُ السِّيَرِ
  (فَصْلٌ) يَجِبُ شَرْعاً النَّظَرُ عَلَى أَهْلِهِ فِيْ قِيَامِ إِمَامٍ مُكَلَّفٍ ذَكَرٍ حُرٍّ سِبْطِيٍّ غَيْرِ مَؤُوْفٍ، ذِيْ غَرَائِزَ: عِظَمِ بَذْلٍ لِنَفْسٍ وَمَالٍ وَوَرَعِ إِسْلَامٍ وَتَصَرُّفٍ فِيْ اجْتِهَادٍ وَتَدْبَيْرٍ مُتَوَسِّطَاتٍ (فِيْ الْعِظَمِ غَالِباً(١)، عُلِمَ كُلٌّ مِنْ ذَلِكَ قَطْعاً وَلَوْ شَرْعاً(٢)). وَطَرِيْقُهَا الدَّعْوَةُ، وَتَجُوْزُ لِمَنْ لَمْ يَتَقَدَّمْهُ مِثْلُهُ، وَيَتَعَيَّنُ إِنْ عَدِمَ، وَلَا يَصِحُّ إِمَامَانِ.
  (فَصْلٌ) وَعَلَى مَنْ تَوَاتَرَتْ لَهُ دَعْوَتُهُ أَنْ يَنْهَضَ فَوْراً فَيَبْحَثُ حَتَّى يَعْلَمَ كَمَا مَرَّ كَمَالَهُ أَوْ عَدَمَهُ، فَيَرْفُضُ فِيْ الثَّانِيْ وَيَجِبُ فِيْ الْأَوَّلِ طَاعَتُهُ وَنَصِيْحَتُهُ وَبَيْعَتُهُ إِنْ طَلَبَهَا، وَتَسْقُطُ عَدَالَةُ مَنْ أَبَاهَا وَنَصِيْبُهُ مِنَ الْفَيْءِ، وَيُؤَدَّبُ مُثَبِّطٌ أَوْ يُنْفَى(٣)، وَمْنَ عَادَاهُ فَمُخْطٍ أَوْ فَاسِقٌ أَوْ مُحَارِبٌ.
  وَالْجِهَادُ فَرْضُ كِفَايَةٍ يُخْرَجُ لَهُ وَلِكُلِّ وَاجِبٍ أَوْ مَنْدُوْبٍ غَالِباً(٤).
  (فَصْلٌ) وَإِلَيْهِ مُطْلَقاً غَالِباً(٥) إِقَامَةُ الْحُدُوْدِ وَالْجُمَعِ، وَنَحْوُ نَصْبِ الْحُكَّامِ(٦)،
(١) احترازاً من غريزة التصرف فِيْ الاجتهاد فما تعاظم الأمر فيها وتزايد فهو زيادة الكمال، فلا يعد التكاثر فيه والتصاعد من ذميمات الخلال. (وابل).
(٢) في (ب) ما بين القوسين محذوف إلا قوله «غالباً».
(٣) في (ب): ويؤدب أو ينفى من ثبط.
(٤) احترازاً من أن يقصد الكفار ديار المسلمين فإن جهادهم يكون فرض عين لا فرض كفاية.
ويحترز من أن يكون الخروج للجهاد يحصل به تضرر الوالدين المسلمين فإنه لا يلزمه الخروج له. ويحترز من أن يخرج لواجب كطلب العلم ويخل بواجب أهم منه كنفقة من يلزمه إنفاقه والتكسب عليه فإن ترك الخروج له أفضل. ويحترز من أن يخرج لمندوب كزيارة إخوانه ووالداه يبكيان ويكرهان خروجه فإن الخروج حينئذ يكون مكروهاً. ويحترز من النساء فإنه لا يجب عليهن الخروج، وكذلك العبيد كما سيأتي. ويحترز من أن يعينه الإمام فإنه لا يكون فرض كفاية، بل فرض عين. (وابل).
(٥) أراد بمطلقاً قصر ذلك على اختصاصه بالإمام فيجوز مع وجوده ولا يجوز مع عدمه لكل أحد.
وقوله: «غَالِباً» احترازاً من صورة فإنه ليس له إقامة الحدود، وذلك حيث لم يقع سببها فيما يلي فيه الإمام الأمر، بل فِيْ غير جهة ولايته، أو فِيْ جهته لكنه فِيْ غير زمانه وإن كان فِيْ زمان إمام قبله فإنه لا يقيم فِيْ ذلك الحد، بل قد سقط الحد. (وابل).
(٦) أراد بنحو نصب الحكام نصب ولاة المصالح العامة كالمساجد والمناهل والطرقات المسبلة =