باب الخلة الثانية
باب الخلة الثانية
  والخلة الثانية لما رفع الله من قدر الزاهدين، وجعل لهم الوسيلة والمنزلة عنده، فمن ذلك قوله تبارك وتعالى: {وَالسّابِقونَ السّابِقونَ ١٠ أُولئِكَ المُقَرَّبونَ ١١ في جَنّاتِ النَّعيمِ ١٢ ثُلَّةٌ مِنَ الأَوَّلينَ ١٣ وَقَليلٌ مِنَ الآخِرينَ ١٤}[الواقعة: ١٠ - ١٤]، قال الحسن: «أما السابقون فهم أصحاب محمد صلى الله عليه قد مضوا فهيئا لهم، ولكن جعلنا الله وإياكم من أصحاب اليمين».
  وقال تعالى: {مِنَ المُؤمِنينَ رِجالٌ صَدَقوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيهِ فَمِنهُم مَن قَضى نَحبَهُ وَمِنهُم مَن يَنتَظِرُ وَما بَدَّلوا تَبديلًا}[الأحزاب: ٢٣]، وقال: {لِلفُقَراءِ المُهاجِرينَ الَّذينَ أُخرِجوا مِن دِيارِهِم وَأَموالِهِم}[الحشر: ٨] الآية. فاختار لهم الفقر والهجرة والإخراج من ديارهم وأموالهم، كل ذلك يمتحنهم به لما جعل لهم عنده من الفوز والوسيلة.
  وروى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: «جاءني جبريل # فقال: يا محمد إن الله أرسل إليك ملكا ما نزل إلى الأرض منذ خلقه الله، أرسله إليك، قال: فأتاني الملك فقال: يا محمد إن الله أرسلني إليك، فقال لك: يا محمد يجعلك ربك ملكا أم عبدا رسولا؟ فقال لي جبريل: بيده هكذا نحو الأرض تواضع لربك يا محمد، وعلمت أنه ناصح، فقلت: بل عبدا رسولا».