مجموع كتب ورسائل الإمام محمد بن القاسم الرسي،

محمد بن القاسم الرسي (المتوفى: 284 هـ)

باب الإيمان

صفحة 191 - الجزء 1

  ما في بطونكم وفروجكم، فمن حفظ ذلك - كما قال النبي ÷ - فقد استحيى من الله حق الحياء».

  وقد بيَّن لهم النبي ÷ كيف يستحيون من الله حق الحياء.

  وروى سعيد بن زيد الأسدي قال: «جاء رجل إلى رسول الله ÷ فقال: يا رسول الله أوصني. فقال: تستحيي من الله كما تستحيي من الرجل الصالح من قومك»، وذلك أن الرجل الصالح تستحيي منه لما ظهر لك منه أن يراك على المعصية، أو يراك في درجة التقصير فيزدري عقلك، وهو لا يعلم الباطن منك، فلو علم الباطن كما يعلم الرب منك. والله ø وإن كانت العيون لا تراه ولا يجوز ذلك في صفته، فإن اتفاق القلوب به كاتفاق العيون بما أدركته من ذلك، لعيظم برهانه وتواتر حجته، وكثرة أدلته وسبوغ نعمته، فأقل ما يجب على أهل المعرفة بالله جل ثناؤه أن يستحيوا من الله كما يُستحيى من الرجل الصالح من قومه فيما ظهر له، فمن حافظ على ذلك فقد استحيى من الله حق الحياء، على أن تفاضل الحياء من المؤمنين على قدر علومهم بالله، وبكنه ما يجب له من تعظيمه على من سواه من خلقه، ولكثرة أياديه عندهم، ولسبوع نعمه عليهم، وقد قال بعض الحكماء الحب للمخلوقين على أقدارهم في منازل الدين والدنيا، والله تعالى