[المشبهة]
  إياها، وما وعدهم به من صدق وعده في النعيم والرحمة والكرامة، وهذا في لغة العرب معروف غير منكر، يفهمه منهم من يعرف اللسان العربي إذا فكر.
  يقولون عند الرجاء والأمل فيما وعد من رحمته، ما أخبر به المؤمنين من ثوابه لهم يوم عقابه في الآخرة لأهل المعصية، ويقول المؤمن في الدنيا عند الأمر يغمه ويكربه في دنياه وعسرته: ما أنظر إلا إلى الله وإليك، يريد: النظر إلى الموعد الصادق ينجزه له، الذي وعده الوفاء به، فينظر إليه، أي: ينتظر صدق موعوده فيه.
  ومما يدل على صدق هذا التأويل، قول الله سبحانه في صادق التنزيل، في الكفار، وما وعدهم الله ø به من عذاب النار: {أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُم فِي الآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلا يَنظُرُ إِلَيهِم يَومَ القِيامَةِ}[آل عمران: ٧٧] ليس بذلك يريد بذلك أنه يدركهم ولا يراهم، وإنما يخبر سبحانه عن هوانهم عليه واطراحه لهم، وأنه لا ينظر إليهم بثواب ولا رحمة، وأنه يزيل عنهم ذلك اليوم كل رضى وكل نعمة.
  وأهل الجنة ينظرون إلى الله سبحانه، ومعنى نظرهم إليه: انتظارهم النعيم، ودخولهم الجنة التي يصيرون إليها، لا كما يظن الجاهلون الضالون من نظرهم إلى لله ø جهرة بالأبصار، ø ذو الجلال والإكرام عن أن تدركه الأبصار! لأنه ليس بجسم محدود ذي حدود وأقطار، ومن أدركته الأبصار فقد أحاطت به الأقطار، ومن أحاطت به الأقطار كانت محيطة به الأماكن جل وتقدس عن ذلك المتعالي الجبار!
  فكل من قال: إنه ينظر إليه يوم القيامة على غير ما وصفنا من النظر إليه، أنه انتظار ثوابه، وصدق وعده وكرامته لأوليائه، فقد زعم أنه يدرك الخالق ويراه، ومحال أن يدرك المخلوق الخالقَ بشيء من الحواس، لأنه خارج من