[نفي الأعضاء عن الله تعالى]
  معنى كل محسوس وحاس، وإنما هذه صفة خلقه تبارك وتعالى من الحيوانات والناس، والله سبحانه وتعالى متعالي عن هذه الصفة، وإنما دركه سبحانه بإيمان القلوب به، والمعرفة بأنه على خلاف خلقه.
[نفي الأعضاء عن الله تعالى]
  وتأولت المشبهة لله جل وعز قول الله سبحانه: {خَلَقتُ بِيَدَيَّ}[ص: ٧٥]، و {خَلَقنا لَهُم مِمّا عَمِلَت أَيدينا أَنعامًا}[يس: ٧١]، {وَالأَرضُ جَميعًا قَبضَتُهُ يَومَ القِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطوِيّاتٌ بِيَمينِهِ}[الزمر: ٦٧]، وقوله: {سَميعٌ بَصيرٌ}[الحج: ٦١]، وقوله: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفسَهُ}[آل عمران: ٢٨ - ٣٠]، وقوله: {كُلُّ شَيءٍ هالِكٌ إِلّا وَجهَهُ}[القصص: ٨٨]، أن هذه الصفات كلها على صفات ما يدركون من معاني المخلوقين وصفاتهم، في هيئاتهم وأفعالهم ونعتهم، وعلى صفات الأبدان، وأن اليد من الله - سبحانه وتعالى عما يقولون - يد كيد الإنسان، فكفروا بالله العظيم، ولهوا إلى غير الخالق الكبير، الذي {لَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ وَهُوَ السَّميعُ البَصيرُ}[الشورى: ١١].
  فتوهموا أن قول الله سبحانه: {السَّميعُ}، أنه ذو آلة من سمع وأذن مخروقة، وأن قوله: {البَصيرُ} أنه إنما يُبصِر بعين لامحة وحدقة، وإنما أراد سبحانه بذكر يده الدلالة على قدرته وتدبيره، وأنه تولى خلق ما خلق بقدرته وبقوته وحكمته، لم يشاركه في خلقه معين غيره، وأنه تولى خلق ذلك وحده بحكمته وقدرته، لا بمعين أعانه، بل توحَّد بصنعته هو وحده لا غيره، فتفرد بخلق ما خلق وصنع ما صنع صغيره وكبيره.