باب العدل
  فمن كان عمله سرا كان ذلك دليلا منه على الإيقان بالغيب، ويقينا منه لخالقه، وما ندبه إليه من دار كرامته علم باطن وهو محض اليقين ورأس الخشية، قال الله جل ثناؤه: {وَبِالآخِرَةِ هُم يوقِنونَ ٤ أُولئِكَ عَلى هُدًى مِن رَبِّهِم وَأُولئِكَ هُمُ المُفلِحونَ ٥}[لقمان: ٤ - ٥].
  وروى أنس بن مالك عن النبي ÷ قال: «لا عيش إلا عيش الآخرة فارحم الأنصار والمهاجرة»، والأخبار في ذلك تكثر، فذلك زهرة العلم علم الخشية، وهو علم الباطن لعمل الباطن لدار باطنة وهي الآخرة، ولا توصل إلى اليقين بها إلا بما ذكرناه من العلم بخالقها، واليقين بقدرة مُوعِدِها، والعمل الذي يراد به ظاهر الدنيا، فهو علم ظاهر على اللسان، يرا بأعمال تعمل ظاهرة وهو التصنع للمخلوقين لدار ظاهرة وهي الدنيا، فهذا العلم هو مثل العلم بالكلام والنحو والعتب والأحكام، ليعلو بها العبد ويرتفع بها في الدنيا عند الناس والسلاطين، وغيرهم من أبناء الدنيا، وكذلك يعلم أهل هذه الطبقة بسائر العلوم، وإنما أرادوا به العلو والكثرة في العاجلة، دون التقرب إلى الله والعمل له لدار الآخرة، فهم العلماء السوء، كما قال عيسى بن مريم: «ويلكم يا علماء السوء قعدتم على باب الجنة فلم تدخلوها ولم يَدَعوا غيرهم يدخلها»، وقال النبي ÷: