مجموع كتب ورسائل الإمام محمد بن القاسم الرسي،

محمد بن القاسم الرسي (المتوفى: 284 هـ)

باب العدل

صفحة 250 - الجزء 1

  إلى ما ليس لكم في قول ولا فعل ولا نية، {وَأَن تَعفوا أَقرَبُ لِلتَّقوى وَلا تَنسَوُا الفَضلَ بَينَكُم}⁣[البقرة: ٢٣٧].

  وقد روى عن بعض الحكماء أن رجلا سأله فقال: «ما الأعمال؟ فقال: التخلق بالحلم، فإن الله حليم عن الحاطين فمن حلم عن الخاطئين، وافق الله في محبته». ولما نزلت هذه الآية على النبي: {خُذِ العَفوَ وَأمُر بِالعُرفِ وَأَعرِض عَنِ الجاهِلينَ}⁣[الأعراف: ١٩٩]، قال النبي صلى الله عليه وآله: «يا جبريل ما هذا؟ قال: إن الله يأمرك أن تعطي من حرمك، وتصل من قطعك، وتعفو عمن ظلمك»، ومعنى قوله: «تعطي من حرمك»، يقول: إن عصى الله عاص في تضييع ما يجب من حقك، أو منعك حقا لك، فلا تعارضه بمثله، بل تصله بأن تؤدي إليه ما له قبلك من حقه، وترعى له من ذلك ما قد أضاعه لذلك. فأما العفو فهو ما شرحناه آنفا.

  وقال النبي ÷: «ليس الإحسان أن تحسن إلى من أحسن إليك، فذاك مكافأة، ولكن الإحسان أن تحسن إلى من أساء إليك، وتعطي من حرمك، وتصل من قطعك»، وقيل في صفة النبي صلى الله عليه وآله: «ما غضب لنفسه قط، ولا انتصر لها، ولا رأى حرمة لله