باب الجهاد
  وهو مجاهدة النفس ومخالفة الهوى»، وعن النبي # أنه قال: «ليس عدوك الذي إن قتلته آجرك الله في قتله، وإن قتلك أدخلك الجنة، ولكن أعدى عدو لك هي نفسك التي بين جنبيك، وامرأتك التي تضاجعك على فراشك، وأولادك الذين من صلبك»، فهؤلاء أعدى عدو لك، وفي مصداق ذلك يقول الله سبحانه: {إِنَّ النَّفسَ لَأَمّارَةٌ بِالسّوءِ}[يوسف: ٥٣]، وقال تعالى: {إِنَّ مِن أَزواجِكُم وَأَولادِكُم عَدُوًّا لَكُم ...}[التغابن: ١٤] الآية.
  وكيف لا يجب حذر النفس وهي تدعو إلى ما في إتيانه خسران الدنيا والآخرة، ولا أحد وإن بلغت عداوته ما بلغت يقدر أن يحمل على ما فيه خسران ذلك، إن لم يكن له معين من هوى النفس ومساعدة من الهوى، فهي على هذا أعدى الأعدا، فليكن مقدار حذر الفَهِم عن الله على حسب عظيم جناتها، وعلى كبر تصرف معاصيها، فيما تدعو إليه من عجبها، وكثرتها وزيادتها وبذخها.
  ومن أقوى الأعوان له على ذلك التفكر، هل يعجب بمثله عاقل؟! وذلك أن الفَهِم عن الله ø إذا علم أن جميع ما كان منه من برد إحسان إنما كان بمعونته عليه، وهدايته إليه، كان الحمد له في ذلك دون غيره واجبا.