باب الجهاد
  والعجب به، وأما أن يكون إذا عمل عملا إنما يرجع بالنفع على نفسه دون غيره، والمعجب به إلا في أقل المنازل أهل السخف، فكيف تكون منازل الحكماء؟!
  فمن عرف نفسه وعرف ما لله عليه من تواتر نعمه، ودفع السوء عنه، وعرف قدر عظمة الله، وعرف قدر نفسه، وعرف ضعفها، وعرف ما يكون منها وإلى ما تدعوه، لم يداخله العجب ولا الكبر ولا الرياء بشيء يكون منها، وإن كبر وبلغ غايته أبدا، ونجا من الكبر فيه والمرايات به، وحذر نفسه في ذلك حَذَرَ مَن يعلم أنها تبخل عليه بالعمل في نجاتها، وتميل به إلى كل ما يضرها ويهلكها ويفضحها في عاقبتها على رءوس الأشهاد.
  فمن أقام نفسه هذا المقام، أمده الله بنصرته، وأيده بمعونته وقوته، وعصمته وبتأييده. وقد قال النبي صلى الله عليه لأصحابه: «ما تقولون في نفس إن تبعها صاحبها فذل لها ذَمَّته غدا بين يدي الله، وإن أتعبها وأنصبها مَدَحْتُهُ غدا بين يدي الله؟! ثم قال: تلك أنفسكم التي بين أجنبكم».
  قال وهب بن منبه: «أوحى الله إلى داود #: يا داود عاد نفسك في محبتي، ودِنِّي بذلك، واستعن بي على ذلك، فنعم العون ونعم المستعان». ويروى عن علي بن أبي طالب # عن النبي ÷ أنه قال: «أخوف ما أخاف على أمتي اتباع الهوى وطول الأمل، فأما اتباع الهوى فإنه يصد عن الحق، وأما طول الأمل فإنه ينسي الآخرة»، فمن اتبع هواه لم يجاهد نفسه، وفي ذلك صد له عن الحق، كما قال الله تعالى لداود #: