باب الفرق بين العقل والهوى
  كل غاية عمل فيها لخالقه، وأسف على كل خطرة ولمحة فاتته من أجله، وفوَّت العمل فيها لما خلق له، فخفت عليه المكابدة، وسكنت عنه المجاهدة، وصار إلى درجة أهل اليقين والطمأنينة، بما قد أيده الله به من نور حكمته، وحرسه بما مكَّنه، وصرف عنه كيد عدوه، وجعل له واعظا من نفسه، يراقب به سر نجواه حال ذكره، وخطرات عدوه، فيكون عند ذلك كما جاء الخبر عن ابن عمر أنه قال: «لن يحب العبد حقيقة التقوى حتى يكون له واعظ من نفسه»، والواعظ كما قال النبي صلى الله عليه في حديث وابصة بن معبد، والنواس بن سمعان، وثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وغيرهم، قالوا كلهم: «عن النبي صلى الله عليه أنه قال لوابصة حين سأله عن البر والإثم؟ فقال: يا وابصة استد لقلبك، يا وابصة استعد لنفسك، البر ما سكن إليه القلب واطمأنت إليه النفس، والإثم ما حاك في صدرك فدعه وإن افتاك فيه المفتون». فهذا دليل الواعظ في القلب، وهو الذي يعرف