مجموع كتب ورسائل الإمام محمد بن القاسم الرسي،

محمد بن القاسم الرسي (المتوفى: 284 هـ)

باب الفرق بين العقل والهوى

صفحة 268 - الجزء 1

  يدعون الشبهات، كما روي عن أيوب السجستاني أنهم تذكروا الورع عن ابن سيرين فقالوا: «أشد شيء علمنا تخليص الحلال من الحرام، فجاء حسان بن أبي سيار فقال: فيما أنتم؟ فأخبروه، فقال: لكني ليس شيء أهون علي من ذلك، إذا حاك في صدري شيء تركته». فكان هذا ترك الشبهات، وهو دليل الواعظ لنفسه، والمراقب لله في معاملته، والواهب له نفسه، والبائع دنيا بآخرته.

  والوجه الثاني من الجهاد: جهاد العدو من أهل الحرب، والبغاة على المسلمين، من المتبِّرين لأمورهم وأحكامهم، فهذا فرض عليهم جميعا، إلا أنه قام به بعضهم أجزأ عن بعض، إذا كفى ذلك بعضهم بعضا في نفورهم، وكان بأذن إمامهم في رباطهم وحصونهم، وسدا إذا أطرافهم فإذا استنفروهم ففرض أن يخرجوا إليهم، ويبذلوا أموالهم وأنفسهم ليذبوا بذلك عن حريم المسلمين، كما قال الله ø: {وَإِنِ استَنصَروكُم فِي الدّينِ فَعَلَيكُمُ النَّصرُ إِلّا عَلى قَومٍ بَينَكُم وَبَينَهُم ميثاقٌ}⁣[الأنفال: ٧٢]، وقال الله جل ثناؤه: {إِنَّ اللَّهَ اشتَرى مِنَ المُؤمِنينَ أَنفُسَهُم وَأَموالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ