مجموع كتب ورسائل الإمام محمد بن القاسم الرسي،

محمد بن القاسم الرسي (المتوفى: 284 هـ)

باب الفرق بين العقل والهوى

صفحة 283 - الجزء 1

  وقال عبادة بن الصامت لأبي هريرة في قصة معاوية حين كلمه أبو هريرة: «يأُخي ما شأن معاوية يشكوك فدعه وما يقول! فقال عبادة بن الصامت: اسكت لم يكن معنا حين بايعنا رسول الله ÷ بيعة العقبة على أن نقول في الله، لا تأخذنا فيه لومة لائم»، فذكر عبادة نحو حديث جابر بن عبد الله.

  فمن كان من أهل القيام له بالصدق في مواطن المحن والشدة، كانت هذه صفته ولم يخف غير الله، وكيف يخاف غيره ويقوم مقامه عنده أهيب من مقام ربه؟! مع فهمه عن الله قوله: {أَتَخشَونَهُم فَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخشَوهُ إِن كُنتُم مُؤمِنينَ}⁣[التوبة: ١٣]، فأضاف بكامل الخشية له جل ثناؤه دون غيره إلى الإيمان به واليقين بواجب حقه، وأنه لا أحد أحق بالخشية منه تعالى وعز، وكان أيضا كما قال بعضهم: «إنا لنستحيي من الله أن نخاف شيئا سواه»، قال أبو ذر رحمة الله عليه: «بما تهددني قريش هل هو إلا القتل فوالله للموت أحب إلي من الحياة، ولبطن الأرض أحب إلي من ظهرها، وللفقراء أحب إلي من الغنى، فبما تهددني قريش؟!»، فإذا قام العبد بدرجة الصدق في المواطن كان على معنيين:

  إما أن يصدق في المواطن فيرجع بأفضل الجهاد والسلامة.