باب الفرق بين العقل والهوى
  وإما أن يصدق في المواطن فيحكم الله بأفضل الجهاد والشهادة.
  وقال الحسن: «يجزي من العمل مع العلم مثل ما يجزي الطعام من الملح»، وروي عن النبي صلى الله عليه وعلى آله: «أنتم اليوم في زمان العمل، وسيأتي على الناس زمان يكون العمل فيه خيرا يفتح من العلم، وإن زحف العالم في علمه زحفا»، وقال الله تبارك وتعالى: {يَرفَعِ اللَّهُ الَّذينَ آمَنوا مِنكُم وَالَّذينَ أوتُوا العِلمَ دَرَجاتٍ}[المجادلة: ٧]، ثم بين أهل العلم منهم فقال: {كَذلِكَ إِنَّما يَخشَى اللَّهَ مِن عِبادِهِ العُلَماءُ}[فاطر: ٢٨]، فهم أهل الخشية والمراقبة، والحياء والسكينة، كما قال سبحانه: {فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكينَتَهُ عَلى رَسولِهِ وَعَلَى المُؤمِنينَ وَأَلزَمَهُم كَلِمَةَ التَّقوى وَكانوا أَحَقَّ بِها وَأَهلَها وَكانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيءٍ عَليمًا}[الفتح: ٢٦]. فقاموا بعلمهم، وبما حكم به لهم وعليهم في أرض الله تعالى، وأدوا إلى عباده الأمر من عنده، فهم النصحاء القائمون بقسطه في عباده وبلاده، كما أمرهم الله في كتابه، وأوجب عليهم في سنة نبيه، وهم الأئمة الهداة بعده من عترته، وأتباعهم من أهل ولايته، فهذا الأمر بالمعروف الذي افترضه الله على المؤمنين، من حب كل طاعة وبر وفعلهما، فذلك التعاون على البر والتقوى، الذي ندب الله إليه عباده بقوله: {وَتَعاوَنوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقوى ...}[المائدة: ٢] الآية، وهو التعلم للخير والتعليم له.
  وقال تعالى: {كُنتُم خَيرَ أُمَّةٍ أُخرِجَت لِلنّاسِ تَأمُرونَ بِالمَعروفِ وَتَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ ...}[آل عمران: ١١٠] الآية، فلم يوجب لهم الرحمة مع