مجموع كتب ورسائل الإمام محمد بن القاسم الرسي،

محمد بن القاسم الرسي (المتوفى: 284 هـ)

باب الفرق بين العقل والهوى

صفحة 310 - الجزء 1

  يسمى: أخاه، ولا كرامة له ولا مسرة، لأن المؤمن أخ المؤمن، والمؤمن هو الولي لله المعظم لمقامه، والمجتنب لجميع محارمه، ما ظهر منها وما بطن، مؤديا لجميع فرائضه، بل يسارع إلى الله بالنوافل، فكيف بترك الفرائض واجتناب المحارم؟ فهذا هو المبشر بالجنة، لقوله: {وَبَشِّرِ المُؤمِنينَ بِأَنَّ لَهُم مِنَ اللَّهِ فَضلًا كَبيرًا}⁣[الأحزاب: ٤٧]، وقوله: {أَلا إِنَّ أَولِياءَ اللَّهِ لا خَوفٌ عَلَيهِم وَلا هُم يَحزَنونَ}⁣[يونس: ٦٢].

  والفاسق المعلن فسقه من المردة أصحاب الزنا وآكل الربا وأموال الناس بالباطل، وإتيان الذكران من العالمين، والتطفيف في المكيال والميزان، وقذف المحصنات، وما لا يوصف من كثرته، وهو أعظم جرما من هؤلاء، وأهتك ستر الأئمة الجورُ وأعوانهم العتاة الجفاة، فهؤلاء أعداء الله وأعداء رسوله وملائكته وصالحي عباده، فلا يستحقون في مقامهم في مبارزة الله وتعدي حدوده أسماء المؤمنين من الإيمان والإسلام، إذ كانا في الوعد والولاية، فأسماء هؤلاء أسماء أهل الفسق والعدوان، المستحقين لسخط الله ولعنته، وأليم عقابه، والخلود في عذابه، بفحش جنايتهم، وعظيم معصيتهم، وإصرارهم على فجورهم.

  وقد بين الله حكمه فيهم في كتابه بقوله: {وَالَّذينَ إِذا فَعَلوا فاحِشَةً أَو ظَلَموا أَنفُسَهُم ذَكَرُوا اللَّهَ فَاستَغفَروا لِذُنوبِهِم ...}⁣[آل عمران: ١٣٥] الآية، فلم يوجب المغفرة إلا بشريطة التوبة، ثم قال تعالى: {إِنَّ الأَبرارَ لَفي