مجموع كتب ورسائل الإمام محمد بن القاسم الرسي،

محمد بن القاسم الرسي (المتوفى: 284 هـ)

باب الفرق بين العقل والهوى

صفحة 318 - الجزء 1

  وإنما جعل الله ذلك للنبي ÷، ولأئمة الهدى من آله الطاهرين في كل عصر وزمان، فجاهد على حكم الله من امتنع عليه من أهل الإسلام وإعطاء الجزية، فإذا غنم أموالهم حكم فيها بحكم الله، وجعل خمسها حيث أمره الله، ولم يكن كمن اغتصب المسلمين إمامتهم وأموالهم وغنائمهم وجميع فيئهم، وصدقاتهم التي جعلها الله معونة لضعفه خلقه، يقسم ذلك بين الأعوان من أصحابه، والمعينين له على ظلمه من أهل الحيرة والجهل والعداوة والسفه، ممن يدعي - بزعمه - الإسلام، وينصر دين محمد #، واستعان على ذلك بما اغتصب الضعفة والمسلمين والفقراء والمساكين، على شرب خموره، وركوب فجوره، ولباس حريره، وتشييد قصوره، ولم يدع محرما إلا انتهكه، ولا بابا للإسلام إلا ردمه، ولا منارا للحق إلا هدمه، ونهض للإسلام من مأمنه، وبدل سنته وأحكامه، ولم يحكم بحلاله ولا حرامه، فأفسد على عباد الله معائشهم، وموَّه على أكثرهم أمر دينهم.

  فهل يشكل هذا البيان الواضح على ذي عقل إذا تدبره؟! ثم تفكَّر فيه واعتبره، ومع هذا كله أفسد عليهم جمعهم وأعيادهم، لأن الله جل ذكره إنما جعل القُوَّام بها المهتدين من أئمته، وحظرها على الفجرة من عباده، يقول نبيه صلى الله عليه وآله: «يؤمكم خياركم»، ولقوله #: «لا يؤمنكم ذو جرأة في دينه»، وبقوله ÷: «لا يؤمن فاجر برا»، وبإجماع أمته أن العدل مستحق لها من آل محمد