باب الفرق بين العقل والهوى
  وهذا إنما يُورث على من كان عليه العمل في زمن النبي ÷ وأئمة الهدى، مع أن الإجماع قد ثبت من وجه الحجة لمن أنصف من نفسه أنه لا يجوز الصلاة خلف أئمة الجوز في حكم الله وحكم رسوله، وذلك أنهم قد أجمعوا جميعا أن جماعة لو خرجوا على أبي بكر من أهل القبلة باغين عليه، ثم غلبوا على مدينة أنه لا يحل لأهل تلك المدينة الصلاة معهم والإمام قائم، وكذلك لو تغلبوا على عدة مدن لم يحل لهم ذلك، وأنهم لم يضيعوا فرضا بتركهم الصلاة معهم، ثم زعمت طائفة منهم لنقص علمها وقلة فهمها عن ربها: أنهم إذا جاءوا فقتلوا المهاجرين والأنصار وأبا بكر، وأطفأوا نور الله، وعطلوا أحكامه، وهدموا دينه، وأخافوا عباده، وأفسدوا بلاده، ولم يتركوا حرمة لله في أرضه نالتها أيديهم إلا انتهكوها، أنه وجب لهم مع تكامل معصيتهم ما لم يكن يجب لهم مع نقصان معصيتهم، لو فهمت هذه الطائفة عن نفسها مناقضتها، لعلمت أن العلة التي منعتها من أجلها أن تُجوِّز الصلاة معهم وجود المعصية، فهي في هذا الحال أعظم، وإن كان