مجموع كتب ورسائل الإمام محمد بن القاسم الرسي،

محمد بن القاسم الرسي (المتوفى: 284 هـ)

باب الفرق بين العقل والهوى

صفحة 329 - الجزء 1

  فيتمنون لذلك دفع السوء عنهم، وليكن حذرهم منهم على قدر معرفتهم، وعلى حسب ذلك يكون عندهم كل من عصى ربهم وانتهك حُرَمه، أن تكون مباينته له ونفوره منه وبغضه له على قدر جنايته وجراءته وتقحمه، وذلك أن الرجل ربما يخطب إليه حرمته فيخطبها فاسق معاين بفسقه، وهو لا يعرفه، فيسأل عنه أهل الخبرة به، فإن قالوا له بما فيه كانوا قد أدوا النصيحة، لأنه فرض عليهم أن يتناصحوا، وإن لم يقولوا له بما فيه كانوا قد خانوا، كما قال أبو هريرة عن النبي ÷: «من استشاره أخوه وأشار بغير رشده فقد خانه، ومن خانه فقد خان الله ورسوله».

  وكذلك في المعاملة وجميع ما يكون فيه المشاورة، وإن لم يستشره فواجب أن ينبهه فيه ويشير فيه عليه بالصواب، ويهديه فيه إلى الرشد والسداد، فرض عليه أن يبتديه فيه قَبِلَ أم ترك إذا أمكنه، وإلا فقد خان الله ورسوله، لأن النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم قال: «الدين النصيحة، الدين النصيحة، ثلاثا، قيل: يا رسول الله لمن؟ قال: لله ولرسوله ولدينه ولكتابه ولجماعة المسلمين»، وقال: «لا يكون المؤمن مؤمنا حتى يرضى للناس ما يرضى