مجموع كتب ورسائل الإمام محمد بن القاسم الرسي،

محمد بن القاسم الرسي (المتوفى: 284 هـ)

باب الفرق بين العقل والهوى

صفحة 330 - الجزء 1

  لنفسه ويكره لهم ما يكره لنفسه»، فكما أنه يكره أن يكون على خطأ في قول أو فعل في أمر الدين والدنيا، فلا ينبهه عليه نصحاؤه، فكذلك يحب عليه لجميع الخلق النصيحة، على ما يمكنه ويحد إليه سبيلا، فكيف إذا استشاره؟! هذا به أولى، وعليه أوجب، وله ألزم، فمتى رضي الفاسق عندما يُسأل عنه، لم يكن قد أدى النصيحة إلى أخيه، ولم يكن للفاجر حرمة ولا غيبة. هذا معنى قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «أترعون عن ذكر الفاجر حتى يعرفه الناس، أذكروه بما فيه يعرفه الناس»، وإنما الغيبة في الحقيقة المنهي عنها بقوله ÷: «من ذكر من أخيه ما فيه فقد اغتابه، ومن قال فيه ما ليس فيه فقد بهته»، فهو كما روى عنه صلى الله عليه وآله أنه رأى بعض نسائه عائشة وقد مرت مارية القطبية بها أم إبراهيم ابنه @، وأشارت إليها بقدمها أنها قصيرة، على وجه الهزوء منها، والعيب لها بذلك، فجعل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ذلك منها غيبه لها إذ عابتها فيها لا عيب فيه عنده، وما ليس من كسبها.

  وكذلك إذا غاب الرجل أخاه بقيح مخارج كلامه لنقص خلقه، أَوَكل ما أشبه هذا مما لا فعل له فيه، من قبحه في المنظر وغيره، فهو غيبة لا يحل له ذلك، وعليه الاستغفار والندم لما كان منه إليه. وكذلك إن عابه بأمر قد كان فعله وتاب منه، أو عابه بأمور تشغله عن المناجاة، على جهة الوقيعة، فهو