مجموع كتب ورسائل الإمام محمد بن القاسم الرسي،

محمد بن القاسم الرسي (المتوفى: 284 هـ)

باب الفرق بين العقل والهوى

صفحة 332 - الجزء 1

  قال: هيه يا حارث أردت قتل رسولي، ومنعت الزكاة، وحددت له لقتال؟! فقال الحارث: والذي بعثك بالحق ما أخرجني في سروات قومي إلا إبطاء خبرك عني، وهذه صدقات قومي، فأنزل الله جل ثناؤه: {يَا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِن جاءَكُم فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنوا}⁣[الحجرات: ٦]، فسمى الله الوليد بن عقبة فاسقا، ونهاهم أن يقبلوا ما قال لهم الفاسق».

  وقال ابن مسعود: قال الوليد بن عقبة لعلي بن أبي طالب رضوان الله عليه: أنا أندى منك لسانا، وأحد منك سنانا، وأشد منك في الكتيبة جنانا، فقال له #: «اسكت فأنت فاسق فأنزل الله ø: {أَفَمَن كانَ مُؤمِنًا كَمَن كانَ فاسِقًا لا يَستَوونَ}⁣[السجدة: ١٨]، فسمى الله الوليد هاهنا: فاسقا».

  فلا ينبغي لعبد أن يتورع عن ذكر الفاسق المعلن بفسقه، والإمام الجاير وصاحب بدعة يدعو إلى بدعته، ففرض على المؤمنين إخبار الناس بما فيهم ليحذروهم، نصحا لله ولرسوله وللمسلمين، وذلك من عرى الإيمان، كما قال أبو ذر رحمة الله عليه عن النبي ÷: «أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله»، وقال الله جل ثناؤه: {لا تَجِدُ قَومًا يُؤمِنونَ بِاللَّهِ وَاليَومِ الآخِرِ يُوادّونَ مَن حادَّ اللَّهَ وَرَسولَهُ وَلَو كانوا آباءَهُم أَو أَبناءَهُم أَو إِخوانَهُم أَو عَشيرَتَهُم ...}⁣[المجادلة: ٢٢] الآية، فأهل المعرفة بالله والإجلال