[أسى وتوجع لفساد الزمان]
  دين قد غلبوا وكثروا وحازوا جميع معايشها، فذكرهم بالقرى والمدن الذكر الرفيع العالي، وفيهم اليسر والثروة والعدد والأموال، وتوارثوا مع ذلك الحيرة في الدين والضلال، ممن كان قبلهم في القرون الخوال، من أهل الشرف في أخلاقهم، والعلو في ولادتهم وأنسابهم، لأمور عرضت من حسد وضغائن حالت بينهم وبين طاعة ربهم، لا يمكننا شرحها كلها، ومَن فَهِمَ فروعها فتدبرها فهم أصولها، فقد اشتبه أهل الأرض في معصية الله ورسوله، ومخالفتهم لأنبيائه À وتنزيله، فلكهم أو أكثرهم ضال عن أمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وآله، في مذهبه واعتقاده وقوله وفعله.
[أسىً وتوجع لفساد الزمان]
  فيالها حسرة ويالها مصيبة في الإسلام ما أعظمها وأجلها! ويالها أمة من العرب والعجم ما أغفلها عما أمرت به في كتاب ربها! وما أبطلت من حدود الله ونبذت من عهوده لحيرة جهلها! وما لَبَّسَتْ عليها ظَلمةُ بني أمية وغيرهم، معاندة للإسلام لما كانت عليه ظلمة بني أمية من حيرة جهلها، وعداوة نبي الله بجحودها وضلالها، فإنا لله وإنا إليه راجعون، فقد أُصبنا وغُبِنَّا بما لم يُصَب به أحد ولم يجتح مجتاح ولا مغبون، فأي مصيبة يا بني أو بلية، أو جائحة نزلت بأحد أو رزية، أصيب بها أحد فيما مضى من الدهر وبقي، أعظم من مصيبة من لم يطع خالقه فيخشاه ويتقي؟! فيقوم بما أمره الله به من طاعته، ويؤثر رضاه بمباعدة أهل معصيته.
  وإذ قد أصبحنا يا بني وأصبحتم، وخلقنا في عصرنا هذا أو خلقتم، في هذا الوقت والحين والزمان، الذي لم يكن في الدنيا عصر ولا زمن أوحش ولا أبلى ولا أهول منه منذ خلق الله البشر والإنسان، بل لم يكن مثله منذ برأ الله الإنس الآدمية ولا الجان، وكل دهر أو زمان أو عصر أهله ومَن خلق فيه أعظم بلية من دهرنا، وما قد غلب وعم على أهل ملتنا من الجهل والضلال في