مجموع كتب ورسائل الإمام محمد بن القاسم الرسي،

محمد بن القاسم الرسي (المتوفى: 284 هـ)

[التحذير من الكذب]

صفحة 395 - الجزء 1

  النسق الأول، حتى إن شاء الله وسلَّم، وأعان ووفَّق وفهَّم، آتي لكم على صفة ما تحتاجون إليه وإلى تمييز ما تعملون إن شاء الله عليه، في معرفة البلدان، ومن حولكم من الأمم والأجناس، وبعض ما تحتاجون إليه إن شاء الله لأنفسكم، ومن وهبه الله لكم من أولادكم وأهلكم وحشمكم، وما لا تستغنون عنه من الرأي في سياسة حرمكم وخدمكم.

  فتفهَّموا إن شاء الله بإقبال وصيتي، واقبلوا ما قد صفيت لكم اختياره من تجربتي، فلا شك إن شاء الله تعالى عندكم وعند غيركم في أني لم آلكم تسديدا ونصحا، وتفهيما لما أوصيتكم به وإيضاحا لذلك وشرحا.

  وسأوصيكم وأنبئكم يا بني ببعض ما أوصى الله به ونبييه في الكتاب، من صالح العمل وجميل الأخلاق والآداب، فإنه لا وصية في كل حين أحسن من وصية الله تعالى، ولا تعليم ولا تنبيه لجميل خلق ولا أدب، أحسن ولا أفضل من تعليم الله وتفهيمه.

[التحذير من الكذب]

  فمما نهاكم الله عنه وزجر، الكذب في القول والشهادة والخبر، فلا تقولوا يا بني زورا ولا كذبا، ولا تخبروا خبرا باطلا، فإن الله يمقت الباطل والكذب وقولَه، ولا يحب ولا يهدي أهله، يقول الله في كتابه، وهو يذكر ما يحل بمن كذب من سخطه وعقابه: {إِنَّ اللَّهَ لا يَهدي مَن هُوَ مُسرِفٌ كَذّابٌ}⁣[غافر: ٢٨]، وقال سبحانه: {إِنَّما يَفتَرِي الكَذِبَ الَّذينَ لا يُؤمِنونَ بِآياتِ اللَّهِ وَأُولئِكَ هُمُ الكاذِبونَ}⁣[النحل: ١٠٥]، وقال سبحانه وهو ينهى عن الكذب وشهادة الزور، وهو يصف عباده الناجين، ويخبر سبحانه وهو ينهى عن الكذب أحد كبائر الذنوب التي يعذب عليها المعذبين: {وَالَّذينَ لا يَشهَدونَ الزّورَ وَإِذا مَرّوا بِاللَّغوِ مَرّوا كِرامًا}⁣[الفرقان: ٧٢]، ولكفى