مجموع كتب ورسائل الإمام محمد بن القاسم الرسي،

محمد بن القاسم الرسي (المتوفى: 284 هـ)

[التحذير من كثرة الضحك والمزاح]

صفحة 396 - الجزء 1

  بقول الله: {إِنَّ اللَّهَ لا يَهدي مَن هُوَ مُسرِفٌ كَذّابٌ}⁣[غافر: ٢٨]، نهيا عن الكذب لمن كان ذا عقل أولي الألباب، فلو لم ينزل الله عن ذلك نهيا لكان الكذب منكرا، قولا كان الكذب أو شهادة أو خبرا، ولكان ينبغي أن يتركه من كان ذا نسب وحسب حدا.

  وقد قال جدكم القاسم | عليه في النهي عن الكذب شعرا. فقال ¥:

  ما لكريم النصاب والكذب ... ذاك فعال اللئام في الحسب

  لو أعطي الحرُّ أن يفه كذباً ... مُلك جميع الملوك من عرب

  ما رضي الحُرُّ أن يميل به ... لزعمة من زعائم الكذب

  والزور أمرٌ قلاه خالقنا ... وذمَّهُ في مُنْزَلِ الكتب

  والعبد إلف له يقلبه ... يميل منه في كل منقلب

  يكذب إما لرغبة طمعاً ... أو رهبة للمجون واللعب

  أعيذ نفسي ومَن وَلدتُ ومن ... أحببت من قول كل مكتذب

[التحذير من كثرة الضحك والمزاح]

  فإيايكم يا بني ثم إياكم وكثرة الضحك والمزاح، فإن الإفراط في ذلك مما لا يفعله أهل المروءة والعقل والصلاح، فإن ذلك لا يوجد ولا يكون، إلا من أهل السخافة وقلة الدين، لا فيمن اتقى وأصلح، ولم يزل الصالحون من الرسل والأنبياء، وذوي الديانة من أهل المروءة والتقى، يقل مزاحهم ولعبهم، وفرحهم وطربهم، وإنما يُعرف أهل اللب والعقل والصلاح، والرزانة والوقار والخشوع بترك اللعب وكثرة الفرح والطرب والمزاح.