مجموع كتب ورسائل الإمام محمد بن القاسم الرسي،

محمد بن القاسم الرسي (المتوفى: 284 هـ)

[الصدق]

صفحة 398 - الجزء 1

  نزل على نبيه من كتابه: {وَالسّارِقُ وَالسّارِقَةُ فَاقطَعوا أَيدِيَهُما جَزاءً بِما كَسَبا نَكالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزيزٌ حَكيمٌ}⁣[المائدة: ٣٨]، وقال مؤكدا لأمره في أداء الأمانة إلى أهلها، مرغبا في مكرمة تأدية الأمانة وفعلها: {إِنَّ اللَّهَ يَأمُرُكُم أَن تُؤَدُّوا الأَماناتِ إِلى أَهلِها}⁣[النساء: ٥٨].

  فوالله يا بني إنه ليستحسن من الرجل الكافر، والعجمي الخبيث المحتقر، أداء الأمانة إذا استؤمن عليها، فكيف بالمستأمَن من ذوي الشرف والحسب ألا يؤدي أمانته إلى مَن وثق به واسترسل إليه فيها؟!

  ولقد ذكر الله أداء الأمانة عن بعض كفرة أهل الكتاب، منبها بذلك لذوي الورع في الدين والألباب، فقال: {وَمِن أَهلِ الكِتابِ مَن إِن تَأمَنهُ بِقِنطارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيكَ وَمِنهُم مَن إِن تَأمَنهُ بِدينارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيكَ إِلّا ما دُمتَ عَلَيهِ قائِمًا}⁣[آل عمران: ٧٥] ذمًّا منه سبحانه لمن ترك أداء الأمانة وإن كان كافرا. وأداء الرجل يا بني لأمانته فمِن صيانته لنفسه وتكرمته لها، ولم تزل الخيانة مذمومة مسخوطة في جميع الأديان والأمم كلها.

[الصدق]

  وأوصيكم يا بني بالصدق في الوعد والإخبار، فإن الصدق عند الله من كرم صالح عمل الأبرار، وقد أمر الله بالصدق في مواضع كثيرة من القرءان، وحلى به ووصف أهل الصلاح والإيمان، فقال: {إِنَّ المُسلِمينَ وَالمُسلِماتِ وَالمُؤمِنينَ وَالمُؤمِناتِ وَالقانِتينَ وَالقانِتاتِ وَالصّادِقينَ وَالصّادِقاتِ}⁣[الأحزاب: ٣٥]، فجعل الصدق صفة لصالح الرجال والنساء، ودليلا على الإسلام والإيمان من أشرف الصفات، وجعل الصدق للإسلام والإيمان علامة ثانية من العلامات.