مجموع كتب ورسائل الإمام محمد بن القاسم الرسي،

محمد بن القاسم الرسي (المتوفى: 284 هـ)

(ومن سورة النحل)

صفحة 440 - الجزء 1

  عِندَكُم مِن عِلمٍ فَتُخرِجوهُ لَنا إِن تَتَّبِعونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِن أَنتُم إِلّا تَخرُصونَ}⁣[الأنعام: ١٤٨]، أفيقدر أحد أن يقول: إنهم صدقوا في قولهم: إن الله لم يشأ إيمانهم؟

  فإن قال بذلك قائل، كذَّب الله وصدَّقهم، ومن قال بذلك فقد كفر وتعدى، وخرج في أمر الله إلى الباطل والاستهزاء.

  فإن قالوا: بلى، كذبوا على الله، وقد شاء منهم الإيمان ودعاهم إليه، ولم يشأ منهم الشرك، رجعوا عن قولهم، وصاروا إلى الحق في دينهم.

  ومما يسئلون عنه، أن يقال لهم: خبرونا عن قول الله سبحانه: {وَكَذلِكَ زَيَّنَ لِكَثيرٍ مِنَ المُشرِكينَ قَتلَ أَولادِهِم شُرَكاؤُهُم لِيُردوهُم وَلِيَلبِسوا عَلَيهِم دينَهُم}⁣[الأنعام: ١٣٧]. أفيقولون: شركاؤهم الذين زينوا لهم قتل أولادهم ليردوهم بقتل أولادهم؟

  فإن قالوا: نعم، هم المزينون لهم دين الله رجعوا عن قولهم، وقالوا بالصدق على ربهم.

  وإن قالوا: بل الله قضى بذلك عليهم، وزين لهم، فقد ردوا كتاب الله وتركوا الحق والصواب، وصاروا بقولهم إلى شر مآب.

  ومما يسئلون عنه أن يقال لهم: خبرونا عن قول الله سبحانه: {فَقاتِلوا أَئِمَّةَ الكُفرِ إِنَّهُم لا أَيمانَ لَهُم لَعَلَّهُم يَنتَهونَ}⁣[التوبة: ١٢]. فلا يخلو أمره سبحانه لنبيه #، أن يقاتلهم من أحد المعنيين:

  إما أن يكون كفرهم ومعصيتهم بقضاء منه ø، قضى به عليهم وأدخلهم فيه، فليس في قضاء الله حيلة لهم، فقد ظلمهم إذحال بينهم وبين الإيمان، وقضى عليهم بالكفر والعصيان، ثم أمر نبيه بقتلهم وقتالهم، وحض على جهادهم، وأمر نبيه بقتلهم، وأن يكلفهم من التوبة أمراً لا سبيل لهم إليه،