مجموع كتب ورسائل الإمام محمد بن القاسم الرسي،

محمد بن القاسم الرسي (المتوفى: 284 هـ)

باب ذكر التوبة

صفحة 47 - الجزء 1

  وقد قال بعض من له علم: لا يحج أحد عن أحد، كما لا يصلي أحد عن أحد، وكما لا يصوم أحد عن أحد، لأن هذه الفرائض حقوق لله ø أمر عباده أن يتولوها بأنفسهم، فإن لم يقدروا عليها ولم يستطيعوا السبيل إليها عذرهم، وإن فرطوا فيها لم يقم لهم في الأداء لهم غيرهم مقامهم، إلا أنا نرجوا أن يخفف الله ألم تفريطهم بأن يوصوا بالحجة من أموالهم، ولذلك لا ينبغي لأحد من المؤمنين الرجال منهم والنساء أن يفرطوا فيما فرض الله عليهم من حجة الإسلام، إذا لم تكن علة مانعة من زمانة أو سقم أو عدو يخاف التلف به، يمنعه من المضي لفريضة ربه، فإن فرط في فريضة الحجة مع سلامة بدنه وقوته على الحجة راكبا أو ماشيا، كان عند الله غير معذور، وكان آثما كافرا، لقول الله في ذكر ما فرض من الحج: {وَلِلَّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ البَيتِ مَنِ استَطاعَ إِلَيهِ سَبيلًا وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ العالَمينَ}⁣[آل عمران: ٩٧]. فجعل سبحانه مَن ترك فرضه في حجة الإسلام كافرا، ولم يجعل له في ترك ما فرض من الحجة عذرا، فإن أوصى عند موته بالحج عنه من ماله رجونا أن يُخفَّف الإثم في ترك الحج وإغفاله، وكان للموصي أجر نفقته، ولمن حج بمؤنة الموصي أجر بدنه، فافهموا رحمنا الله ورحمكم.

باب ذكر التوبة

  وعلى العباد فيما من هذه المعاصي كلها التوبة النصوح إلى الله سبحانه منها، والتوبة النصوح هي: الندم على ما كان من الذنوب، وتركها والاستغفار منها، وترك الإصرار عليها، والعزم على أن لا يعود المذنب أبدا إلى ما تاب منه من جميع ذنوبه، فتلك التوبة النصوح المقبولة عند الله التواب الرحيم.