[موالاة المؤمنين]
  قال محمد بن القاسم ¥: وهذه أمور رضيها الله للمؤمنين، ووصف بها في كتابه المتقين، وجعلها تمام الإيمان، ولم يرض الترك لها والتفريط فيها لأحد من أهل الإسلام، ومنها ما أذكره وأشرحه لكم الآن، وأتلو عليكم ما نزل الله في ذلك من آي القرآن، فافهموها - رحمكم الله - ولا تهاونوا بها فتهلكوا عند الله - عصمكم الله - فقد ذكرت لكم في كتابي هذا وفيما مضى منه أصول الدين التي أوجب الله الاعتقاد لها، والتدين بها على جميع المؤمنين، وهذه التي الآن أذكرها فروع وصف الله بها وأمر عباده المتقين.
[موالاة المؤمنين]
  فأولها: الموالاة بين المؤمنين، والتوآد على طاعة الله رب العالمين، حتى لا يوآد العبد ولا يؤاخي إلا من أطاع ربه وآمن به، وفي ذلك ما أمر الله عباده في وحي كتابه، فقال سبحانه: {لا تَجِدُ قَومًا يُؤمِنونَ بِاللَّهِ وَاليَومِ الآخِرِ يُوادّونَ مَن حادَّ اللَّهَ وَرَسولَهُ}[المجادلة: ٢٢]. ومعنى {يُوادّونَ} هي: يراضون ويحابون من حآد الله ورسوله، والمحآد لله مَن عصى الله ولم يؤد ما أمر الله بفعله، فذلك المحآد لله ولرسوله، ثم قال في ترك موآدة المحآدين من ذوي الرحم الأقربين، وغيرهم من العصاة الأبعدين: {لا تَجِدُ قَومًا يُؤمِنونَ بِاللَّهِ وَاليَومِ الآخِرِ يُوادّونَ مَن حادَّ اللَّهَ وَرَسولَهُ وَلَو كانوا آباءَهُم أَو أَبناءَهُم أَو إِخوانَهُم أَو عَشيرَتَهُم أُولئِكَ كَتَبَ في قُلوبِهِمُ الإيمانَ وَأَيَّدَهُم بِروحٍ مِنهُ}[المجادلة: ٢٢]. يعني سبحانه: بكتب حكم لهم، وأوجب أن في قلوبهم الإيمان إذا كانوا لا يوآدون ولا يخابون أقرب الأقرباء، من الأبناء والإخوة والآباء والعشيرة، الذين هم بعد من سمى أقرب إليهم من