مجموع كتب ورسائل الإمام محمد بن القاسم الرسي،

محمد بن القاسم الرسي (المتوفى: 284 هـ)

[الإنفاق]

صفحة 53 - الجزء 1

  رزقناهم ما يكونون به عنده مرضيين، وقرن الإنفاق من رزقه مع الإيمان به، فقال سبحانه في صفات عباده المؤمنين: {الَّذينَ يُؤمِنونَ بِالغَيبِ وَيُقيمونَ الصَّلاةَ وَمِمّا رَزَقناهُم يُنفِقونَ ٣ وَالَّذينَ يُؤمِنونَ بِما أُنزِلَ إِلَيكَ وَما أُنزِلَ مِن قَبلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُم يوقِنونَ ٤ أُولئِكَ عَلى هُدًى مِن رَبِّهِم وَأُولئِكَ هُمُ المُفلِحونَ ٥}⁣[البقرة: ٣ - ٥].

  وقال سبحانه في هذه السورة مكررا لما له من الرضى في بذل المال، وما للمؤمنين إليه به من القربة: {لَيسَ البِرَّ أَن تُوَلّوا وُجوهَكُم قِبَلَ المَشرِقِ وَالمَغرِبِ وَلكِنَّ البِرَّ مَن آمَنَ بِاللَّهِ وَاليَومِ الآخِرِ وَالمَلائِكَةِ وَالكِتابِ وَالنَّبِيّينَ وَآتَى المالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِي القُربى وَاليَتامى وَالمَساكينَ وَابنَ السَّبيلِ وَالسّائِلينَ وَفِي الرِّقابِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَالموفونَ بِعَهدِهِم إِذا عاهَدوا وَالصّابِرينَ فِي البَأساءِ وَالضَّرّاءِ وَحينَ البَأسِ} - ثم قال سبحانه فيمن وصف فيه هذه الصفات من المؤمنين - {أُولئِكَ الَّذينَ صَدَقوا وَأُولئِكَ هُمُ المُتَّقونَ}⁣[البقرة: ١٧٧]. فقرن الله سبحانه إيتاء المؤمنين المال وهو بذلهم له على حبه مع الإيمان به والإيمان باليوم الآخر وهو يوم القيامة، والإيمان بملائكته وكتبه ورسله، ثم قرن ذكر إيتاء المال بهذه الفرائض فقال: {وَآتَى المالَ عَلى حُبِّهِ}. ثم ذكر ما ذكر بعد من صفات المؤمنين، حتى بلغت الصفات هذه الآية المفروضة.

  وقال في هذه السورة بعينها وهو يُرغِّب في الإنفاق عباده المؤمنين: {وَأَنفِقوا في سَبيلِ اللَّهِ وَلا تُلقوا بِأَيديكُم إِلَى التَّهلُكَةِ وَأَحسِنوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُحسِنينَ}⁣[البقرة: ١٩٥].