[معنى الحمد والشكر]
  فأول نعم الله التي تدرك بها الثلاث، وأفضل نعم الله العقل الذي يميز به بين الحسن والقبيح، جعله الله حجة ودلالة لما افترضه، فكان أول ما افترضه على خلقه معرفته، وهي الثلاثة: توحيده، وعدله، وتصديقه فيما وعد وتوعد.
  ثم نِعَم الله من بعد ذلك لا تحصى، وحججه فأعظم من أن تنسى، فسبحان من لا يغامض عبدا ولا يحرج أبدا، قد أحسن بدوًّا وعَودًا، فله الحمد والشكر.
[معنى الحمد والشكر]
  وتفسير الحمد فهو: الرضا بفعله وبنعمته كلها وجميع قسمه، ما يسكن إليه وما يقرب منه، والشكر ذِكرُه بما هو أهله جل وعز، الغني عن خلقه، إنما خلقهم متفضلا عليهم، لا حاجة منه إليهم، تعبَّدهم مصلحة لهم، ليعرضهم للمنافع كلها.
[المنافع]
  والمنافع فهي ثلاثة: نفع مستحق يعمله عامله، فيأخذ عليه داخل لنفع له ولغيره، فيستحق المؤلمَ العوض على ألمه، مثاله: أن يأمره غيره في يوم بارد يسقي غيره من الضعفاء والعطشى فقد آلمه لغيره، فلا بد من عوض يأخذه وينتفع به، ليكون الألم حسنا. والأول يستعمل ثوبا أو بنيانا، أو شيئا ينتفع به، أو شيئا ينتفع به غيره بعمله، فيستحق أجره، فهذان الوجهان مستحقان بألم وعمل.
  والوجه الثالث هو: التفضل صاحبه بالخيار، إن تفضل بما أَحب شُكر عليه، وإن لم يتفضل لم يُذم عليه.