من كتاب القضاء والأحكام
  كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أو مَعْرُوفٍ أو إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ}[النساء: ١١٤].
  ولا خلاف في أن الحاكم يحكم بغالب الظن الذي يحصل له عند شهادة الشاهدين، فعلى هذا إن حكم الحاكم بعلمه الذي علمه بالمشاهدة، أو بإقرار الذي عليه الحق أولى من حكمه بغالب الظن وأيضا لا خلاف أن لغير الحاكم أن يمنع الظالم من ظلمه إذا عرف ذلك وتحققه على سبيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فأولى أن يجوز للحاكم أن يحكم بعلمه.
  قال أبو حنيفة: إن الحاكم يحكم بعلمه إذا علم بعد القضاء وحيث هو قاض فيه، ولا يحكم بعلمه إذا علم قبل القضاء أو بعده(١) أو حيث لا ينفذ حكمه فيه.
  وقال أبو يوسف: مثل قولنا يحكم بعلمه على أي وجه حصل قبل القضاء أو بعده. وقال مالك: لا يحكم على وجه من الوجوه، وللشافعي فيه قولان أحدهما مثل قولنا، والأصل فيه قول الله تعالى: {وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنْ الْحَقِّ}[المائدة: ٤٨] وقال تعالى: {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ}[المائدة: ٤٢] ولا قسط أو ضح من أن يعلم أن المحكوم له محق.
  ٢٣٠٩ - خبر: وعن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي $ أن النبي ÷ قال له حين بعثه إلى اليمن: «يا علي إذا جلس بين يديك
(١) في (أ، ب، ج): بدون بعده.