من كتاب القضاء والأحكام
  خطأ لرجوع الشهود. فدلَّ ذلك على رجوعه عما قال في كتاب الشهادة من نقض الحكم لرجوع الشهود، لأن الحكم لا يُنقض، حتى يثبت أنه وقع خطأ، ولو كان يجعل حكم الحاكم خطأ لرجوع الشهود، لكان يجعل الأرش والدية في بيت المال.
  ووجه(١) قوله في (الأحكام): أن الحكم قد حصل بوفور أسباب الاجتهاد، فوجب ألا ينقض باجتهاد مثله.
  وجه قوله في (المنتخب): أن الحكم يثبت أولاً بوجود(٢) الشهادة فلما وجد بوجودها وجب أن يستقر باستقرارها ويزول بزوالها.
  وقال يحيى # في المنتخب في ذكر الشهود ورجوعهم كيف ألزمهم شيئاً وقد شهدوا بشهادة أعدل من الشهادة الأولى. فدل على أنه إنما ينقض الحكم برجوعهم إذا كان الشهود في حال الرجوع أتم عدالة منهم في حال الشهادة، وإليه ذهب أبو حنيفة، والصحيح من المذهب أن الحكم لا ينقض برجوع الشهود ويلزمهم ضمان ما أتلف بشهادتهم، والشافعي يوافقنا في القصاص والحدود وقال في الأموال يكون فعلهم ذلك هدراً، وإذا وافقنا في الحدود والقصاص فالمال أولى، لأنه أخف حكماً من الحدود والقصاص لأنهما يسقطان بالشبهة(٣) والمال لا يسقط للشبهة، وذهب أبو حنيفة إلى ما قلنا من إلزام الشهود الضمان، ومما يدل على ما قلنا أن القاضي صار لهم كالآلة وصاروا ملجئين له إلى
(١) في (أ): ووجه.
(٢) في (أ): لوجود.
(٣) في (أ، ب، ج): للشبهة.