أصول الأحكام الجامع لأدلة الحلال والحرام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

من كتاب القضاء والأحكام

صفحة 1300 - الجزء 1

  والدليل على أن الصلح لا يجوز عن المجهول أن الصلح إما أن يجري مجرى البيع فذلك لا يجوز كما لا يجوز بيع المجهول وإما أن يجري مجرى الإبراء، فالإبراء عن المجهول أيضاً لا يصح بدلالة ما أجمع عليه من أن رجلاً لو كانت له حقوق مختلفة على رجل فقال له: ابرأتك من ملك الحقوق لم يجز ذلك والعلة الإبراء من المجهول، ألا ترى أنه لو عين الحق صحت البراءة، وأيضاً لا خلاف في أن الصلح⁣(⁣١) على المجهول لا يجوز فكذلك الصلح عن المجهول.

  قال المؤيد بالله قدس الله روحه: وكلام يحيى # يدل على أن مذهبه أن الإبراء يصح إبطاله بالرد كما ذهب إليه أبو حنيفة وأصحابه، لأنه # أطلق أن الصلح لا يصح إلا بإذن المصالح عنه، ومن جملة الصلح الإبراء وهذا هو الإبراء الذي يقتضي التمليك وهو يتضمن معنى الهبة فيجب أن يصح فيه الرد كما يصح رد الهبة، فأما الإبراء الذي لا يتضمن التمليك كالطلاق والعتاق وإبراء الضامن و إبراء الشفيع وإبراء البائع من عيب يجده المشتري في السلعة فإن رده لا يصح لأنه لا يقتضي تمليك شيء فلا يحصل له معنى الهبة فيجب أن يكون واقعاً من غير اعتبار قبول المبري ورده. قال: ولهذا قال يعني يحيى # أن صاحب الحق لو أبرأ المضمون عنه فرد الإبراء بطل، ولو أبرأ الضامن فرد الإبراء، لم يبطل؛ لأن إبراء المضمون عنه يقتضي معنى التمليك، وإبراء الضامن لا يقتضي إلا إسقاط المطالبة.


(١) في (ب): الإصلاح.