أصول الأحكام الجامع لأدلة الحلال والحرام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

من باب القول في ضمان الوديعة

صفحة 1308 - الجزء 1

  ثم ردها إلى موضعها فتلفت فظاهر قول يحيى # أنه لا يسقط عنه الضمان بردها إلى موضعها؛ لأنه ألزم الضمان بالتعدي ولم يشترط سقوط الضمان بالرد وبه قال الشافعي، وقال أبو حنيفة: يسقط الضمان بالرد.

  وجه قولنا: أنه قد صار في حكم الغاصب والغاصب لا يبرى من ضمان الغصب إلا برده إلى المغصوب منه فكذلك هذا، ولا خلاف في أن المودع إذا ادعى أن الوديعة ضاعت أن القول قوله مع يمينه، وكذلك إذا ادعى الرد وهو قول يحيى #. وقال في الفنون: إذا ادعى الرد على صاحبها كانت البينة عليه، وهذا يحتمل أن يكون المراد به إذا كان جحدها، ثم ادعى أنه ردها، لأنه بالجحود يكون غاصباً لها ويكون قد خرج من أن يكون أميناً، ولا خلاف في أن المودع ليس له أن يودع غيره، فإن فعل ذلك كان تعدياً، وقال يحيى # في الأحكام⁣(⁣١): إذا اشترى المودع بالوديعة بضاعة فربح فيها كان الربح لصاحب المال، إن رضي به، وللمشتري أجرة مثله، وإن لم يرض به كان لبيت المال، وقال في المنتخب: يكون الربح للمشتري.

  وجه ما قاله في الأحكام أن الربح حصل له من جهة محظورة إن كان لم يرض به صاحب المال، ومن حصل في يده شيء من جهة محظورة، ولم يكن له مالك معين، فهو لبيت المال، وإن كان بإذن


(١) في (أ، ب): وإذا دفعها إلى أهله أو ولده أو من يثق به ليحفظها في منزل المودع الذي يسكنه فتلفت لم يضمنها، وهو قول زيد # رواه عنه أبو خالد، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه، وقال يحيى # في الأحكام: إذا اشترى المودع بالوديعة بضاعة ... إلخ.