وباب القول في صفة الجوارح
  قتل الكلب الذي ليس بضاري، لا يصلح أكله.
  لا خلاف في هذه الجملة، إلا في ما أكل منه الكلب المعلم، فعندنا يؤكل منه للأخبار الواردة فيه وهو مروي عن أبي جعفر # وعن عدة من الصحابة، وحكي عن مالك مثل قولنا، وذهب عامة العلماء إلى أنه لا يجوز أكله، وهو للشافعي على قولين، والأصل فيه قول الله تعالى: {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ}[المائدة: ٤] ولم يستثن(١) إلا أن يأكل منها الكلب المعلم.
  فإن قيل: روي عن عدي بن حاتم، قال: سألت النبي ÷ إنا نصيب بهذه الكلاب، فقال لي: «إذا أرسلت كلبك المعلم، وذكرت اسم الله عليه، فكل مما أمسك عليك، وإن قتل، إلا أن يأكل الكلب فلا تأكل، فإني أخاف أن يكون إنما أمسكه على نفسه»(٢).
  قلنا: يحتمل أن يكون المراد بهذا الكلب الذي لا يوثق بتعليمه، ألا ترى أنه قال ÷: «إني أخاف أن يكون إنما أمسكه على نفسه» فلم يجرد التحريم بل علق النهي على الظن الذي ذكره، ولا خلاف أن الكلب لو لم يأكل وقتل أكلت فريسته، إذا كان معلماً وسمى المرسل له، وكان مسلماً، ولا يكون معلماً حتى يوثق منه أنه إنما يمسكه
(١) في (أ): يثني.
(٢) أخرجه الإمام المؤيد بالله # في شرح التجريد (خ) ومسلم: ٣/ ١٥٢٩، والبخاري: ٥/ ٢٠٩٠، وفي المنتقى لابن الجارود: ١/ ٢٣٠، سنن البيهقي الكبرى: ٩/ ٢٣٥، ٢٣٦، ٢٣٧، ٢٣٨، ٢٤٣، ٢٤٤، سنن أبي داود: ٣/ ١١٠، مصنف عبدالرزاق: ٤/ ٤٧٠، المعجم الأوسط: ٣/ ٣١٦.