أصول الأحكام الجامع لأدلة الحلال والحرام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

من باب ما اصطيد بالرمي

صفحة 1330 - الجزء 1

  بثقله، أو يمنعه التنفس فيموت، لا يحل أكله، وبه قال أبو حنيفة، وللشافعي فيه قولان، وذلك أن جميع ذلك يكون موقوذاً، وقد قال الله تعالى: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنْ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ}⁣[المائدة: ٤] وقيل أن الجوارح مأخوذة من الجرح، فلا يحل أكل فريسته ما لم يجرح جرحاً تنفذ في جسدها، وكذلك ما يقتل بالرمي لا يحل أكله حتى يغرس السهم، وشبهه في الصيد، ولا اعتبار بالدم ما لم يجرح، ويخرق فإنه قد تدمي الموقوذة من غير خرق.

  ٢٤٢٦ - خبر: وعن عدي بن حاتم، عن النبي ÷ أنه قال: «إذا وقعت رمِيَّتُك في الماء فلا تأكل»⁣(⁣١).

  دلَّ على أنه إذا رمي الصيد، وهو في جبل فتردى أنه لا يجوز أكله، والأصل فيه قول الله تعالى: {وَالْمُتَرَدِّيَةُ}⁣[المائدة: ٣] وهو مترد يحتمل أن يكون مات بالتردي، ويحتمل أن يكون مات بالسهم الذي رمي به، لكنه إذا اجتمع الحظر والإباحة غلب الحظر على الإباحة، وكذلك إذا أرسل على الصيد كلبان أحدهما معلم، والآخر غير معلم، أو كلبان أحدهما أرسله يهودي، والآخر أرسله مسلم، أنه لا يؤكل إذا قتلاه لتغليب الحظر على الإباحة، قال القاسم #: إذا وقع في الماء بعد الذبح، وفري الأوداج جاز أكله، وذلك أنه قد فعل فيه فعلاً لا يمكن أن يسلم منه، والغرق قد يمكن أن يسلم منه، كما أن من ذبح إنساناً


(١) أخرجه الإمام المؤيد بالله # في شرح التجريد (خ) وأبو داود: ٣/ ١٠٩، وأحمد: ٤/ ٣٧٨، وأبو عوانة: ١ - ٥/ ١٢، وفي المعجم الكبير: ١٧/ ٧٧، وفي المنتقى لابن الجارود: ١/ ٢٣١.