أصول الأحكام الجامع لأدلة الحلال والحرام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

من كتاب الصيد والذبائح

صفحة 1380 - الجزء 1

  قال المؤيد بالله قدس الله روحه: وذلك أن الأجزاء التي يحصل منها فيه تكون قد استحالت استحالة لم يبق لها فيه⁣(⁣١) أثر في المنظر، والمطعم، والشم، فكان كاللبن المستحيل عن الدم ونحو ذلك، ويجيء على هذا أن الميتة، وما جرى مجراها، إذا وقعت في الملاحة، وصارت ملحاً، واستحالت استحالة تامة بحيث لا يبقى من الميتة أثر جاز أكله، وكان طاهراً، لأن هذه الأشياء النجسة المحرمة إنما كانت محرمة لصفاتها التي تختصها، فإذا زالت تلك المعاني والصفات، زال ذلك الحكم.

  ويدل من مذهبه في ذلك قوله في الدود الخارج من الدبر: إنه لا يخرج إلا ومعه غيره من العذرة، فتنتقض⁣(⁣٢) الطهارة، فنبه على أنه طاهر، وإن كان مستحيلاً عن النجاسة مخلوقاً منها، وكذلك غيره، ويدل على هذا أن الخمر إذا صارت خلاً حل أكله، هذا قوله الأول في أن الخمر إذا صارت خلاً، حل أكله، ثم رجع عنه قدس الله روحه، قال في كتاب رؤوس المسائل في الخمر⁣(⁣٣): النية لا تؤثر في عين المصبوب، وإنما تأثيرها في الخروج من الإثم، وقال في قوله الأول: ولو صبت⁣(⁣٤) عصيراً بنية التخليل، فانقلبت العصير خمراً، ثم صارت خلاً، أن الأقرب أنه جائز استعماله، ويطهر عنده بالاستحالة، وقال في قوله


(١) في (أ، ب، ج): لم يبق لها فيه.

(٢) في (أ): فيتضيق.

(٣) في (أ، ب): في مسألة الخمر.

(٤) في (أ، ب، ج): صبّ.