أصول الأحكام الجامع لأدلة الحلال والحرام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

من باب كتاب السير وما يلزم الإمام للأمة ويلزم الأمة للإمام

صفحة 1409 - الجزء 1

  قوله: {كَانُوا لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ}⁣(⁣٤) [المائدة: ٧٨ - ٧٩].

  فدل على أن بعض ما لعنوا من أجله أنهم كانوا لا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن منكر، فدل على أنهم تركوا واجباً، وقوله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ}⁣[آل عمران: ١٠٤] وقوله تعالى حاكياً عن لقمان #: {وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنْ الْمُنكَرِ}⁣[لقمان: ١٧] وقوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ}⁣[آل عمران: ١١٠] والذي يدل على أن فرض إقامة حدود الله تعالى يختص بالأئمة، قول الله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا}⁣[المائدة: ٣٨] وقوله ø: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ}⁣[النور: ٢] وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ...}⁣[النور: ٤] إلى قوله تعالى: {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً}⁣[النور: ٤].

  ولا خلاف أن هذه الآية وما أشبهها من سائر الآيات خطاب للأئمة، ومن يقوم مقامهم، على أنه لا يخلو هذا الخطاب من أن يكون لكل واحد من الناس منفرداً، كقول الله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ}⁣[البقرة: ٤٣] وكقوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}⁣[البقرة: ١٨٥] أو يكون لكل من وقع عليه اسم الجمع وأقله ثلاثة أو يكون لجميع الأمة، أو تكون لخصائص منهم، ولا إشكال في أن كل واحد من الناس


(٤) في (أ، ب): زيادة: فدل على أن بعض ما لعنوا من أجله أنهم كانوا لا يأمرون بمعروف، ولا ينهون عن منكر، فدل على أنهم تركوا واجباً ... إلخ.