أصول الأحكام الجامع لأدلة الحلال والحرام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

من باب كتاب السير وما يلزم الإمام للأمة ويلزم الأمة للإمام

صفحة 1416 - الجزء 1

  الأظهر والأغلب في ظن الإمام أنهم يفون بما عقدوا له، لأنه قد حدث ممن استعان به أمير المؤمنين # في آخر أيام صفين من قلة الوفاء والنكث، وقلة الانقياد لأحكام الله ما بقي فساده في الإسلام إلى يومنا هذا، وإنما للإمام أن يجتهد فما رآه صلاحاً للإسلام من ذلك فعله، ولا يضره خلاف من يخالفه من أعوانه، ونكث بيعته وخذله، وأعان عدوه عليه عن القيام بأمر الله ما بقي معه فئة يعينونه على أمر الله كما فعل أمير المؤمنين # بعد خذلان من خذله، وخلاف من خالفه يوم الحكومة، وما رأى من الاختلاف ولقي من الشدائد خصوصاً من أصحابه، فلم يمنعه ذلك عن القيام بأمر الله حيث بقي معه أعوان على ذلك.

  ودلَّ ذلك على أنه لا يجوز للإمام أن يتنحى عن الأمة، وهو يجد فيهم جماعة يعينونه على أمر الله، ويأتمرون له، ويجاهدون معه، ولا خلاف في ذلك، فإن لم يجد من يعينه على أمر الله، ويجاهد معه في سبيل الله جاز له التنحي عنهم، كما فعل علي # بعد رسول اللّه ÷ من قعوده عن طلب الأمر، مع أن الحق كان له، وكذلك فعل ولده الحسن بن علي @ لما فسد عليه أصحابه، وخذلوه، اعتزلهم وخلّى بينهم وبين معاوية، وبين الأمر، وكذلك القاسم بن إبراهيم # بويع، واجتمع عليه الخلق، ثم رأى فشلهم وغلب على ظنه أنه لا يمكنه القيام بالأمر كما يحب بهم فاعتزلهم؛ لأن هذا الأمر لا يتم إلا بالأعوان والأنصار، فإذا لم يكونوا سقط وجوبه عن الإمام.