أصول الأحكام الجامع لأدلة الحلال والحرام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

من باب كتاب السير وما يلزم الإمام للأمة ويلزم الأمة للإمام

صفحة 1433 - الجزء 1

  «هؤلاء عتقاء الله»⁣(⁣١).

  دلَّ على أن من أسلم في دار الحرب، وخرج إلى دار الإسلام، فإنه حر، وكذلك لو كان مملوكاً في دار الحرب، فإن أسلم المملوك في دار الحرب، ولم يخرج من دار الحرب، ثم أسلم سيده، فإنه يكون مملوكاً له، فإن خرج إلى دار الإسلام، أو استظهر المسلمون على دار الحرب، فإنه على ملكه، وقوله #: وإن أسلم المملوك في دار الحرب، ثم هاجر إلى دار الإسلام، كان حراً، ولم يكن لمولاه عليه سبيل، وإن أسلم بعد ذلك، ودخل دار الإسلام، وذلك، أنه لا إشكال في أن العبد الحربي، إذا أبق من دار الحرب وصار إلى دار الإسلام، أنه يكون ملكاً لمن أحرزه من المسلمين، فكذلك إذا أسلم، وهاجر يكون قد ملك نفسه، ويمكن أن يستدل على المسألة بقول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمْ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ} إلى قوله: {فَلاَ تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ}⁣[الممتحنة: ١٠] وقوله تعالى: {وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنكِحُوهُنَّ ...}⁣[الممتحنة: ١٠] ولم يشترط أن تكون كانت في الأصل حرة، أو أمة، فوجب انقطاع حقوق الكفار فيهن، إماء كن في الأصل، أو حرائراً، ولا خلاف أن الحربي إذا أسلم واستظهر المسلمون على دار الحرب أن ما كان له فيها من الأموال الناهضة التي يتأتى فيها النقل، والتحويل له أنها لا تغنم، واختلفوا في أمواله التي لا تنقل، كالضياع، والعقار، فعندنا أنها لا تكون ملكاً له، وأنها تغنم، وبه قال أبو حنيفة


(١) شرح التجريد (خ) للإمام المؤيد بالله #، مجمع الزوائد: ٤/ ٢٤٥، سنن البيهقي الكبرى: ٩/ ٢٢٩، ١٠/ ٣٠٨.