من كتاب الصلاة وباب الأذان
  هاهنا هو إتمامهم لأنفسهم وخروجهم من ائتمام الإمام، فأما خروجهم من الصلاة قبل إتمامها فهو قطع لها وإفساد لها، لما يتخلل بين الركعتين من المشي والحرب والكلام والعمل الكثير، ولأن صلاة الخوف حملت عليها الضرورة، وهي خوف العدو وخشية فوات الوقت، ودعت الضرورة إلى خروج المؤتم من الائتمام بعد الائتمام، ولم تدع الضرورة إلى قطع الصلاة.
  وذهب قوم إلى أن الطائفتين تقومان جميعا ويكبر الإمام ويسجد وتسجد معه الطائفة الأولى والطائفة الثانية قيام يحرسونهم، فإذا سجدوا تقدمت الطائفة الأخرى وتأخرت الأولى فسجدت الطائفة الثانية والطائفة الأولى قيام يحرسونهم. واستدلوا بما روى أبو يوسف(١) عن النبي ÷ أنه صلى صلاة الخوف بعسفان، فصف الناس جميعا خلفه صفين، ثم كبر ÷ وكبروا جميعا معه، ثم سجد وسجد معه الذين يلونه في الصف، وقام الصف المؤخر يحرسونهم بسلاحهم، ثم رفع ورفعوا ثم سجد الصف الآخر، ثم رفعوا، ثم تقدم الصف المؤخر وتأخر الصف المقدم وفعلوا مافعلوا أولا. وحكي عن أبي يوسف أنه كان يقول: إن صلاة الخوف منسوخة، وحكي أنه قال: إنها كانت خاصة للنبي ÷.
  لنا: ونحن نقول إن النسخ لم يرد في كتاب ولاسنة لصلاة الخوف، ولادلالة على أنها خاصة بالنبي ÷، فأما الخبر الذي روى أبو يوسف فهو مخالف لظاهر الآية، وذلك أن الله تعالى يقول: {وَإِذَا
(١) في (ب، ج): أبو ثور.