أصول الأحكام الجامع لأدلة الحلال والحرام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

من كتاب الحج

صفحة 453 - الجزء 1

  فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ}⁣[الأحزاب: ٥٣] وقال تعالى: {لاَ جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلاَ أَبْنَائِهِنَّ وَلاَ إِخْوَانِهِنَّ وَلاَ أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلاَ أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ}⁣[الأحزاب: ٥٥] فبين أن حكمهن في الاستتار عن الناس حكم سائر نساء المؤمنين أو أشد. وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلاَبِيبِهِنَّ}⁣[الأحزاب: ٥٩] فصح ما قلنا.

  قال المؤيد بالله قدس الله روحه: روي أن الجاهلية كانوا يرون العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور فأنزل الله تعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}⁣[البقرة: ١٩٦]، فدل ذلك على أن المراد إيقاع العمرة في أشهر الحج لما فيه من الرد على الجاهلية على ماروي تقديره: فمن تمتع بالعمرة إلى الحج في أشهر الحج فعلى هذا لايكون التمتع إلى الحج إلا في أشهر الحج ويكون عقد إحرامه في أشهر الحج فإن عقده في غير أشهر الحج لم يكن متمتعا.

  وقال الهادي إلى الحق #: لأهل مكة⁣(⁣١) أن يتمتعوا بالعمرة إلى الحج ولا دم عليهم والمراد بقول الله تعالى: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}⁣[البقرة: ١٩٦] يعني الهدي دون التمتع، وهو قول الشافعي وقال أبو حنيفة: يكون من فعل ذلك مسيئا وعليه للإساءة دم والدليل على صحة ماقاله الهادي إلى الحق # عموم الآية والرواية فالآية قول الله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ}⁣[البقرة: ١٩٧]، والرواية قول رسول الله ÷: «أيها الناس


(١) لم ينص الإمام الهادي # على ذلك نصاً، بل خرجه الإمام المؤيد بالله على مذهبه في البحر عن القاسمية، أن التمتع لغير المكي، وصرح في الشفا بذلك عن الإمام الهادي #.