من كتاب الطلاق
  وجه قولنا: قول الله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرونَ أَزْوَاجاً يَتَربَّصْنَ بِأَنفسِهنَّ أَربَعةَ أَشْهرٍ وَعشْراً}[البقرة: ٢٣٤]، وقوله: {وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهنَّ أَنْ يَضَعنَ حَمْلَهنَّ}[الطلاق: ٤]. وهذه قد اجتمع فيها الأمران فلزمها(١) الحكمان، فوجب أن تعتد بآخر الأجلين.
  فإن قيل: روي عن ابن مسعود، أنه قال: قول الله تعالى: {وَأُوْلاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهنَّ أَنْ يَضَعنَ حَمْلَهنَّ}[الطلاق: ٤] نزل بعد قوله: {يَتَربَّصْنَ بِأَنفسِهنَّ أَربَعةَ أَشْهر وَعشْرا}[البقرة: ٢٣٤].
  قلنا: وليس تقدم إحدى الآيتين على الأخرى بالذي يوجب نسخ إحداهما، بل هي زيادة، كما روي أن الصلاة كانت ركعتين ركعتين فزيد للحاضر ركعتان ركعتان إلا المغرب، وأقر للمسافر ركعتان إلا المغرب، فلم تكن الزيادة نسخا، فكذلك في هذه المسألة.
  فإن قيل: فقد روي أن سبيعة بنت الحارث الأسلمية، وضعت بعد وفاة زوجها لبضع وعشرين ليلة، وروي بشهر(٢)، وروي أربعين ليلة، فأذن ÷ في أن تتزوج.
  قلنا: قد روي عن أبي السنابك بن بعكك، أنه أنكر ذلك على سبيعة ولا يجوز أن ينكر إلا وقد عرف حكم الإعتداد، وأيضا فإنه لا تنسخ آية من كتاب الله بخبر الآحاد، ويحتمل أيضا أن صح الخبر أن يكون النبي ÷ قد علم من زوجها أنه كان قد أبت طلاقها، ويجوز
(١) في (أ، ب): ولزمها.
(٢) في (ب): شهر.