أصول الأحكام الجامع لأدلة الحلال والحرام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

من باب نفقة الرضيع

صفحة 734 - الجزء 1

  معي دينار، قال: أنفقه على نفسك، ثم قال معي آخر، قال: أنفقه على أهلك، ثم قال: معي آخر، قال: أنفقه على ولدك، ثم قال: معي آخر، قال: أنفقه على عبدك، ثم قال في الخامسة: أنت أعلم⁣(⁣١).

  دل على وجوب نفقة الولد على والده، وسواء كان الولد غنيا أو فقيرا، لأن الخبر عام في الغني والفقير، فعلى الأب نفقته إلى أن يبلغ⁣(⁣٢)، هذا إذا كان الأب موسراً فإن كان معسراً ولولده مال أنفق عليه وعلى ولده من مال ولده، وذهب أكثر الفقهاء إلى أن نفقة الولد من ماله إن كان له مال سواء أكان الأب موسراً أو معسراً.

  وجه قولنا: قول الله تعالى: {وَقَضَى ربُّكَ أَلَّا تَعبُدُوا إلَّا إيَّاه وَبِالْوَالِدَيْنِ إحْسَانًا ...} إلى قوله: {وَاخْفضْ لَهمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنْ الرحْمَةِ وَقُلْ ربِّ ارحَمْهمَا كَمَا ربَّيَانِي صَغِيرا}⁣[الإسراء: ٢٣ - ٢٤] ووجه الاستدلال بالآية: أنّ الله تعالى أمر الإنسان أن يجزي [والديه على برهما، وإحسانهما، وتربيتهما له، وإذا كانت نفقته من ماله فلا إحسان لأبيه إليه، ولا بر يجزيه عليه]⁣(⁣٣) ولا تربية أيضاً، لأن أمه هي التي تولت خدمته وتربيته. وقد ذكر الله تعالى الوالدين جميعا بالتربية، فصح أن تربية الأب⁣(⁣٤) هي الإنفاق عليه،


(١) أخرجه الإمام المؤيد بالله # في شرح التجريد (خ)، وورد في موارد الظمآن: ١/ ٢١١، سنن البيهقي الكبرى: ٧/ ٤٦٦، ٤٧٧، مسند الشافعي: ١/ ٢٦٦، السنن الكبرى: ٥/ ٣٧٥، مسند الحميدي: ٢/ ٤٩٥، مسند أبي يعلى: ١١/ ٤٩٣.

(٢) في (ب): إلى أن يبلغ الولد.

(٣) ما بين المعقوفين: ساقط في (أ).

(٤) في (أ، ب): أن تربية الأب له.