من باب الرضاع
  فإن قيل: روي عن ابن الزبير أنه قال: لا تحرم الرضعة فالرضعتان(١).
  قلنا: أنه قد أجرى(٢) الإسم وهو من أهل اللغة، فلزمه ما أجرى من قوله الرضعة والرضعتان، وإذا جرى(٣) الاسم عليه، صح أن المرأة تسمى مرضعة بذلك، وقد روي عن ابن عمر أنه لما بلغه قول ابن الزبير هذا، قال: قضاء الله أولى من قضائه، قال الله تعالى: {وَأُمَّهاتُكُمْ اللاَّتِي أَرضَعنَكُمْ}[النساء: ٢٣] فتبين(٤) بقوله أرضعنكم أن المفهوم ما يحصل من قليل اللبن وكثيرة.
  فإن قيل: روي عن النبي ÷ أنه قال: «لا تحرم الرضعة ولا الرضعتان» وروي: «لا تحرم المصة ولا المصتان»(٥)، وروي: «إلا ملاجة وإلا ملاجتان»(٦).
  قلنا: هذه الأخبار تحج الشافعي من وجه، وهو أنه يقول بدليل
(١) في (أ): والرضعتان، وفي (ب): ولا الرضعتان.
(٢) في (أ): جرى.
(٣) في (أ، ب): أجرى.
(٤) في (أ): فبين من قوله، وفي (ب): فبين بقوله.
(٥) الأحكام للإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين #: ج ١/ ٤٨٣.
(٦) رواه الإمام المؤيد بالله # في شرح التجريد، وقال في الهامش النسخة (أ): قال في الصحاح: الملج بالجيم تناول الثدي بأدنى الفم يقال ملج الصبي أمه أي رضعها وامتلج الفصيل ما في الضرع، وقال في باب الحاء الملح أيضاً الرضاع، قال الأصمعي:
وإني لأرجو ملحها في بطونكم ... وما سهلت من جلد أشعث أغبرا
قال هذا في إبل أخذت عليه أخذها الذين كانوا يستقون من ألبانها. تمت.