أصول الأحكام الجامع لأدلة الحلال والحرام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

من كتاب البيوع

صفحة 837 - الجزء 2

  روي عن زيد بن وهب. قال: مات رجل من الحي وترك أم ولد فأمر الوليد بن عقبة ببيعها، وأتينا ابن مسعود فسألناه فقال: إن كنتم لا بد فاعلين فاجعلوها في نصيب ولدها⁣(⁣١).

  قلنا: هذا يدل على أنه لم يرض ببيعها ولا حجة لهم فيه.

  فإن قيل: فقد روي عن زيد بن علي @ ما هو أوضح من هذا وهو أن رجلاً أتاه فقال: يا أمير المؤمنين، إن لي أمة ولدت مني أفأهبها لأخي؟ قال: نعم. فوهبها لأخيه فوطئها فأولدها، فأتاه الآخر فقال: أهبها لأخ لي آخر؟ قال: نعم. فوطئوها جميعاً؟⁣(⁣٢).

  قلنا: أما الأول فيجوز أن يكون استيلاده لها قبل الملك ثم ملكها قبل⁣(⁣٣) الولادة وهذه عندنا يجوز بيعها وهبتها فجاز أن يهبها لأخيه، وأما الأخ الثاني فيجوز أن يكون أراد بالهبة النكاح بعد أن يعتقها، ولأنه يجوز⁣(⁣٤) أن يعبر بالهبة عن النكاح، وقد قال تعالى: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ}⁣[الأحزاب: ٥٠] مع أنهم في بيع الحامل فرقتان: فرقة⁣(⁣٥) قالوا: لا يجوز. وفرقة قالوا: يجوز مع استثناء الولد، فوجب أن يكون الحايل في


(١) أخرجه الإمام المؤيد بالله # في شرح التجريد (خ)، كما ورد في مجمع الزوائد: ٤/ ١٠٨، مصنف عبد الرزاق: ٧/ ٢٨٩، المعجم الكبير: ٩/ ٣٣٨.

لعله قال ذلك تقية من الوليد، ثم متى كان للوليد أن يكون فعله حجة، لذلك احتال ابن مسعود في الخروج من ذلك بأن جعلها من نصيبه، ثم قول ابن مسعود: (فإن كنتم لابد فاعلين) دليل على خطأ ابن عقبة ويكفي أن الله سماه فاسقاً في قوله تعالى: {إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا} والاستشهاد بالآية كان فيه الكفاية.

(٢) مجموع الإمام زيد بن علي #: ٢٧٧، (... فوطئوها جميعاً، وأولدوها وهم ثلاثة).

(٣) في (أ): بعد.

(٤) في (أ): لا يجوز.

(٥) في (ج): ففرقة.