من كتاب البيوع
  روي عن زيد بن وهب. قال: مات رجل من الحي وترك أم ولد فأمر الوليد بن عقبة ببيعها، وأتينا ابن مسعود فسألناه فقال: إن كنتم لا بد فاعلين فاجعلوها في نصيب ولدها(١).
  قلنا: هذا يدل على أنه لم يرض ببيعها ولا حجة لهم فيه.
  فإن قيل: فقد روي عن زيد بن علي @ ما هو أوضح من هذا وهو أن رجلاً أتاه فقال: يا أمير المؤمنين، إن لي أمة ولدت مني أفأهبها لأخي؟ قال: نعم. فوهبها لأخيه فوطئها فأولدها، فأتاه الآخر فقال: أهبها لأخ لي آخر؟ قال: نعم. فوطئوها جميعاً؟(٢).
  قلنا: أما الأول فيجوز أن يكون استيلاده لها قبل الملك ثم ملكها قبل(٣) الولادة وهذه عندنا يجوز بيعها وهبتها فجاز أن يهبها لأخيه، وأما الأخ الثاني فيجوز أن يكون أراد بالهبة النكاح بعد أن يعتقها، ولأنه يجوز(٤) أن يعبر بالهبة عن النكاح، وقد قال تعالى: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ}[الأحزاب: ٥٠] مع أنهم في بيع الحامل فرقتان: فرقة(٥) قالوا: لا يجوز. وفرقة قالوا: يجوز مع استثناء الولد، فوجب أن يكون الحايل في
(١) أخرجه الإمام المؤيد بالله # في شرح التجريد (خ)، كما ورد في مجمع الزوائد: ٤/ ١٠٨، مصنف عبد الرزاق: ٧/ ٢٨٩، المعجم الكبير: ٩/ ٣٣٨.
لعله قال ذلك تقية من الوليد، ثم متى كان للوليد أن يكون فعله حجة، لذلك احتال ابن مسعود في الخروج من ذلك بأن جعلها من نصيبه، ثم قول ابن مسعود: (فإن كنتم لابد فاعلين) دليل على خطأ ابن عقبة ويكفي أن الله سماه فاسقاً في قوله تعالى: {إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا} والاستشهاد بالآية كان فيه الكفاية.
(٢) مجموع الإمام زيد بن علي #: ٢٧٧، (... فوطئوها جميعاً، وأولدوها وهم ثلاثة).
(٣) في (أ): بعد.
(٤) في (أ): لا يجوز.
(٥) في (ج): ففرقة.