أصول الأحكام الجامع لأدلة الحلال والحرام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

من كتاب البيوع

صفحة 895 - الجزء 2

  دلت هذه الأخبار على أن من اشترى من الإبل، والبقر، والغنم ما يحلب، ثم رده بالعيب، أو الخيار أن لبنه للبائع يرد المشتري عوضه⁣(⁣١) كائناً ما كان، إما مثله، وإما قيمته⁣(⁣٢)، وذهب أبو حنيفة إلى أن من اشترى شيئاً من ذلك وبقي عنده وحلبه، فأراد رده تعييب⁣(⁣٣) فيه، فليس له رده، وإنما يرجع على البائع بأرش النقصان، وبه قال محمد، وقال أبو يوسف برده⁣(⁣٤)، ويرد معه صاعاً من تمر على ما في الأخبار، وهو قول الشافعي، فأما أبو حنيفة، فالأخبار تحجه، وقد اضطرب فيها أصحابه، فحكى الطحاوي في (شرح الآثار) عن محمد بن شجاع أنه قال: إنها منسوخة بقول⁣(⁣٥) النبي ÷: «البيعان بالخيار ما لم يفترقا»، وهذا لا يصح؛ لأن المسلمين مجمعون على أن التفرق لا يقطع الخيار، ولا ما⁣(⁣٦) يجري مجراه من خيار الرد، إذا لم يجده على ما وصف له، وحكى عن عيسى بن أبان أنه كان ذلك حين كانت العقوبة بالأموال، فلما نسخ ذلك نسخ هذا، وهذا لا معنى له لأن النبي ÷ أوجب⁣(⁣٧) عوضاً من اللبن، ولم يجعله على سبيل العقوبة، لأنه أوجبه على المشتري، والمشتري لا ذنب له، ولو كان عقوبة لكان على البائع، لأنه الغارّ، وقال أبو جعفر الطحاوي: يجب نسخه، لنهي النبي ÷ عن


(١) في (ج): عوضاً.

(٢) في (ب، ج): أو قيمته.

(٣) في (ب، ج): بعيب.

(٤) في (أ، ب، ج): يرده.

(٥) في (ج): لقول.

(٦) في (أ): بدون ما.

(٧) في (أ، ب، ج): أوجبه.