أصول الأحكام الجامع لأدلة الحلال والحرام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

وباب حكم الرهن وتوابعه

صفحة 970 - الجزء 1

  ومعنى قول النبي ÷: «لا يغلق الرهن» لا يهلك، ولا يصح حمله على هلاك العين؛ لأن هلاك العين مشاهد لا يمتنع منه، وإنما أراد لا مهلك⁣(⁣١) حكمه، ومعنى قوله: «لصاحبه غنمه» أي فوائده.

  ومعنى قوله: «وعليه غرمه» أي مؤونته وما جرى مجرى ذلك، وفائدة الرهن للمرتهن هي احتباس الرهن بحقه، ولا يصح الرهن إلا بوجوب الحق وحصول القبض، ووقوع العقد، أما وقوع العقد فلا خلاف فيه، وأما وجوب الحق فلما ذكرنا أن فائدته أن يحبسه بحقه، يؤيد ذلك قول الله تعالى: {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ}⁣[البقرة: ٢٨٣] عقيب قوله: {إِذَا تَدَايَنتُمْ بِدَيْنٍ}⁣[البقرة: ٢٨٢].

  وأما حصول القبض فلقول الله تعالى: {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ}⁣[البقرة: ٢٨٣]. وبه قال زيد بن علي، وأبو حنيفة، وأصحابه، والشافعي، وقال أبو ثور: يحصل بالعقد، والآية حجة والإجماع.

  وقال الهادي إلى الحق # في (الأحكام): ولا يصح رهن المشاع، وبه قال أبو حنيفة، وأصحابه، وقال في (المنتخب): يجوز رهن المشاع، وهو قول الناصر # والشافعي، ووجه قوله في (الأحكام) وهو الصحيح: أن المشاع لا يستدام فيه القبض ففسد رهنه لتعذر استدامة القبض، ووجه قوله في (المنتخب): أن المشاع يجوز بيعه، وقد نهى رسول الله ÷ عن بيع ما لم يقبض، فصح أنه مما يصح قبضه، وإذا


(١) في (أ، ب، ج): يهلك.