من كتاب الحدود
  فإن العرب لا تمنع أن تسمي عضوين في شخصين باسم الجمع، وقد قال الله تعالى: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى الله فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا}[التحريم: ٤].
  فإن قيل: روي عن رسول الله ÷ أنه أمر بقطع أربع سارق في أربع مرات.
  قلنا: في هذا الحديث ما يدل على أنه تقطع في السرقة فقط، وقد روي عن جابر بن عبدالله، قال: جيء بسارق إلى رسول الله ÷ فقال: «اقتلوه»، فقالوا: يا رسول الله، إنه سرق، فقال: «اقطعوه»، قال: فقطع على هذا إلى أن أُتي به في الخامسة، فقال: «اقتلوه»، فقال جابر: فانطلقنا به فقتلناه، وروي فخرجنا به إلى مربد النعم، فحملنا عليه النعم، فأشار بيديه ورجليه فتنافرت الإبل عنا، قال: فلقيناه بالحجارة حتى قتلناه(١).
  فدل ذلك على أن النبي ÷ عرف منه حالاً يستحق بها ذلك، وأنه لم يكن للسرقة، وأنه لم يكن ورد النهي عن المثلة، وهذا كما روي عن النبي ÷ في قصة العرنيين أنه قطع أيديهم وأرجلهم وسَمَلَهُم وألقاهم(٢) في الشمس(٣)، وذلك ليس في شيء من الحدود، فلما نهى عن المثلة صار مثل ذلك منسوخاً، فإن قيل: روي أن أبا بكر قطع يداً
(١) أخرجه الإمام المؤيد بالله # في شرح التجريد (خ) والبيهقي: ٨/ ٢٧٢، والنسائي: ٨/ ٩٠، وورد في المعجم الأوسط: ٢/ ١٩٨، والسنن الكبرى: ٤/ ٣٤٨.
(٢) في (أ): وأبقاهم.
(٣) أخرجه الإمام المؤيد بالله # في شرح التجريد (خ) وابن حبان: ١٠/ ٣٢١.