أصول الأحكام الجامع لأدلة الحلال والحرام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

من كتاب الحدود

صفحة 1110 - الجزء 1

  فإن العرب لا تمنع أن تسمي عضوين في شخصين باسم الجمع، وقد قال الله تعالى: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى الله فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا}⁣[التحريم: ٤].

  فإن قيل: روي عن رسول الله ÷ أنه أمر بقطع أربع سارق في أربع مرات.

  قلنا: في هذا الحديث ما يدل على أنه تقطع في السرقة فقط، وقد روي عن جابر بن عبدالله، قال: جيء بسارق إلى رسول الله ÷ فقال: «اقتلوه»، فقالوا: يا رسول الله، إنه سرق، فقال: «اقطعوه»، قال: فقطع على هذا إلى أن أُتي به في الخامسة، فقال: «اقتلوه»، فقال جابر: فانطلقنا به فقتلناه، وروي فخرجنا به إلى مربد النعم، فحملنا عليه النعم، فأشار بيديه ورجليه فتنافرت الإبل عنا، قال: فلقيناه بالحجارة حتى قتلناه⁣(⁣١).

  فدل ذلك على أن النبي ÷ عرف منه حالاً يستحق بها ذلك، وأنه لم يكن للسرقة، وأنه لم يكن ورد النهي عن المثلة، وهذا كما روي عن النبي ÷ في قصة العرنيين أنه قطع أيديهم وأرجلهم وسَمَلَهُم وألقاهم⁣(⁣٢) في الشمس⁣(⁣٣)، وذلك ليس في شيء من الحدود، فلما نهى عن المثلة صار مثل ذلك منسوخاً، فإن قيل: روي أن أبا بكر قطع يداً


(١) أخرجه الإمام المؤيد بالله # في شرح التجريد (خ) والبيهقي: ٨/ ٢٧٢، والنسائي: ٨/ ٩٠، وورد في المعجم الأوسط: ٢/ ١٩٨، والسنن الكبرى: ٤/ ٣٤٨.

(٢) في (أ): وأبقاهم.

(٣) أخرجه الإمام المؤيد بالله # في شرح التجريد (خ) وابن حبان: ١٠/ ٣٢١.