كتاب الإقرار
كِتَابُ الْإِقْرَارِ
  إِنَّمَا يَصِحُّ مِنْ جَائِزِ تَصَرُّفٍ غَالِباً(١)، لَمْ يُعْلَمْ هَزْلُهُ وَلَا كَذِبُهُ عَقْلاً أَوْ شَرْعاً، فِيْ حَقٍّ يَتَعَلَّقُ بِهِ فِيْ الْحَالِ غَالِباً(٢). وَدَعْوَى النَّائِبِ غَيْرُ إِقْرَارٍ عَلَيْهِ.
  (فَصْلٌ) وَقَبُوْلُهُ كَالنَّذْرِ غَالِباً(٣)، وَيُشْتَرَطُ فِيْ نَحْوِ النَّسَبِ(٤) عَدَمُ الْوَاسِطَةِ، وَإِلَّا فَوَصِيَّةٌ غَالِباً(٥).
(١) احتراز من المحجور فإنه يصح إقراره لكن يبقى موقوفاً لا ينفذ إلا بعد فك الحجر. ويحترز من العبد غير المأذون فإنه يصح إقراره بما يتعلق بذمته ابتداء، كالمهر فِيْ النكاح الفاسد. (وابل).
(٢) احترازاً من الأخرس ومن فِيْ حكمه وهو المصمت فإنه لا يصح منه الإقرار بما لا يصح إلا بلفظ إنشاء مخصوص لا نعلم كذبه قطعاً. (وابل). ويحترز من أن يكون المقر أخرس أو مصمتاً وكان إقراره في الشهادة والزنا والقذف والإيلاء واللعان، وهذا الاحتراز من المنطوق. ويحترز من المفهوم من وكيل إجابة الدعوى فإنه يصح به الحق حيث لم يكن الحق في يده، فيلزم الموكل الحق ما لم يحجره عن الإقرار ونحو ذلك.
(٣) احتراز من الإقرار بالطلاق الثلاث والعتق والوقف فإنه يصح سواء سكت الآخر أو رد الإقرار فلم يكن في ذلك كالنذر. ويحترز من أن يحصل من المقر رد للإقرار فإن العين تكون لبيت المال فِيْ الإقرار، بخلاف ما إذا حصل الرد فِيْ النذر فإن العين تعود للمالك، فلم يكن الإقرار مثل النذر. ويحترز أيضاً من صورة فإن الرد فيها لا يكون مبطلاً للإقرار، بل يصح، وذلك نحو أن يحصل من المقر له رد للإقرار ثُمَّ أراد الرجوع إِلَىْ التصديق قبل أن يحصل من المقر تصديق بالتكذيب فإنه يصح منه التصديق ... إلخ. ويحترز أيضاً من صورة فإن الرد فيها لا يكون مبطلاً للإقرار مطلقاً، وذلك نحو أن يقر شخص لعبد زيد بشيء فإنه لا يصح من العبد الرد لذلك الإقرار؛ لأنه إخبار عن أمر متقدم، وحال الرد قد صار لسيده. (شرح بهران).
(٤) السبب، كالزوج والزوجة والمولى. (وابل).
(٥) احترازاً من تعليقه بالشرط هنا فإنه لا يصح، بخلاف الوصية فتصح، فإذا قال: هذا أخي إذا جاء زيد لم يصح. ويحترز من تحريم النكاح فإنه يحرم هنا نكاح المقر به حيث كان يحرم، كأن يقول: هذه أختي فإنها تحرم عليه، فلم يكن ذلك وصية محضة، بل يثبت لها حكم النسب ونحو التحريم. ويحترز مما لو كان المقر به مخالفاً للمقر فِيْ الملة كأن يكون كافراً فإنه يثبت له حكم النسب ولا يستحق المقر به شيئاً لاختلاف الملة، بخلاف ما لو جعلنا له حكم الوصية فيستحق. ويحترز من أن يكذبه العقل فإنه لا يستحق شيئاً مع أن هذا من أحكام النسب وليس من أحكام الوصية؛ إذ لو جعلناه وصية صح.
ومثال ما يكذبه العقل أن يقول لمن هو أكبر منه سناً: هذا ابن ابني، أو لمن هو أصغر منه سناً هذا أب =